تربية الطفل هي تفاعل ما بين الطفل وبيئته، بما في ذلك

وبشكل خاص الناس، الآخرين والمعرفة

                                                                                                             

 نبيلة اسبانيولي

أخصائية نفسية

مديرة مركز الطفولة

الناصرة

 

 من الصعب تحديد متى نبدأ في تربية الطفل، فهل صحيح أن نقول أنّ التربية تبدأ من اليوم الأول لولادة الطفل، أم من اليوم الأول للحمل أو قبل ذلك؟    

في الحقيقية لا توجد بداية ولا نهاية لمسار التربية أو للمؤثرات التي من الممكن أن تترك أثرها على التربية.  لكننا هنا نتحدث عن التفاعل، ومن أجل التفاعل هذا هناك حاجة إلى طرفين.  وتفاعل الطفل يبدأ مع حركته الأولى في رحم أمه، فهو يتحرك داخل الرحم وغالباً ما يكون للأم ردّ فعل، خاصة بعد الحركات الأولى أو فيما بعد- بعد الحركات الصاخبة.  عندما ينـزعج الطفل مثلاً وهو في رحم أمه من أي صوت عالٍ فإنه سيتحرك بشكل ينبّه الأم، ويكون ردّ فعلها الطبيعي بمحاولة الاسترخاء لتهدئته.. هذه هي بداية التفاعل ما بين الطفل وأمه والتي تتسع بعد ولادته لتشمل الأم، الأب، الاخوة، الأخوات والعائلة الواسعة، ثم الأطفال الآخرين، الأقرباء وما إلى ذلك.

البيئة التي يتفاعل معها الطفل ليست فقط البيئة البشرية وما توفره من بيئة عاطفية واجتماعية وثقافية بل تشمل أيضاً البيئة المادية التي تحيط به، مثل:  أغراضه في سريره، ألعابه والمحتويات في بيئته. البيئة المادية تشمل أيضاً الطبيعة وما تحتويها من نباتات، حيوانات ومناخ.  وهي مهمة أيضاً في نمو الطفل، وتلعب دوراً أساسياً في تطوره.

يكتسب الأطفال المعرفة والمهارات والعادات والقيم من خلال هذا التفاعل، أي من خلال تجاربهم الخاصة، استكشافاتهم ولعبهم.  إذ يختبر الطفل من خلال لعبه المواد ويلاحظ ما يحدث ويتأمل، ويعيد التجربة ليتأكد من أثر فعاليته على المواد، فيكتسب معارف ويطوّر مهارات وهي بدورها تشكل الأساس لمزيد من التجارب والاستكشاف التي من شأنها أن تحسن وتطور المعرفة، وكل ذلك من خلال لعبه وممارساته.

إن التفاعل بين الطفل وبيئته وخاصة الناس، الآخرين والمعرفة يحدث في سياق حضاري وثقافي، لذلك يجب أن نهتم بأن يرتبط بحياته اليومية وبواقعه المعيش، أي بحضارته وثقافته.

من هنا جاء التشديد في وثيقة حقوق الطفل على أهمية  احترام بيئته الطبيعية.

عند الحديث عن الطفل فإننا نعني جميع الأطفال، الأطفال الذين يعيشون في ظروف صعبة (حرب،

مخيمات، احتلال) والأطفال الذين يعيشون برفاهية، الأطفال الذين يولدون مع قدرات مختلفة احتياجات خاصة) وما يسمى بالأطفال الأٍسوياء، الذكور والإناث، كلّ الأطفال بحاجة إلى حياة كاملة في ظروف تكفل كرامتهم وتعزز اعتمادهم على أنفسهم وتيسّر مشاركتهم الفعلية في المجتمع.

 

 إن هذا المبدأ يركز على أهمية التفاعل بين الطفل وبيئته لتطوره، وهذا يضعنا أمام التحدي الأكبر وهو مدى توفر الشروط للتفاعل؟  التفاعل يعني وجود طرفين فاعلينفتفاعل الطفل يعني اهتمامه، نشاطه، تمتعه، عمله، إبداعه، أي مشاركته الكاملة، وهذا ما لا يتوفر في غالبية مؤسساتنا التربوية. التفاعل من قبل الراشد تعني ملاءمة ذاته لاهتماماته، أي تتطلب أن يصبح الراشد وسيطاً، داعماً، ومشاركاً وليس كما هو سائد في غالبية مؤسساتنا التربوية الرسمية وغير الرسمية، حيث يلعب الراشد دور السلطة، المقيدة، الملقنة، الآمرة.إن هذا المبدأ يثير العديد من التساؤلات، ولتطبيقه ما زالت أمامنا تحديات كبيرة، أهمها:-

 

·       الاعتراف بأهمية اللعب عند الطفل.

·       الاعتراف بقدرات الطفل للتعامل مع بيئته.

·       الاعتراف بأهمية حب الاستطلاع عند الطفل ودافعيته الداخلية للاستكشاف.

·       توفير البيئة الملائمة المثيرة والداعمة مع أخذ الظروف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية بعين الاعتبار.

·       توفير البيئة الثقافية الغنية بمركبات حضارية من ثقافة الطفل، لتعزيز هويته الثقافية.