خلق أجواء تعلمية في مركز الطفولة

 نبيلة اسبانيولي         

                                       اخصائية نفسية

مديرة مركز الطفولة

 

يختلف هذا المسار من مجموعة الى أخرى, ولكنهيتطلب الانتباه  والتقويم المستمر والتخطيطالمستقبلي.  ولتسهيل ذلك من المهم وجود طاقم داعملبعضه البعض, وجو حواري بين أفراده لتبادلالخبرات والتجارب والمشاركة في اتخاذ القرارات.
 
يتطلب ذلك نموذجاً خاصاً لإدارة المركز, فهو يدارأيضاً بشكل مشارك من قبل جميع أعضاء الطاقم,فتؤخذ القرارات بشكل جماعي, وتوزع المسؤولياتبيننا, كل حسب قدراتها ورغباتها ونقاط قوتهاوضعفها.  هذا النموذج من عمل الطاقم يظهرللمشاركات إمكانيات بديلة للتعامل مع القوة.
 
فالمطلوب من الطاقم :
1 - مشاركة المعلومات, فهي ملك الجميع , ولكي لايتحول الأمر الى نظام هلامي فوضوي سفسطائي(كلنا في قارب واحد), فالمقصود هو مساهمة كل فردٍبمعرفته خلال التخطيط المشترك لمشاريع المركزوفي إصداراته.  إن المعلومات التى تصل المركزملك للجميع أيضاً, ونتعامل معها وفق اختصاصاتناواهتماماتنا الشخصية وخطط عملنا.
2 -  المشاركة في اتخاذ القرارات:   يتم اتخاذالقرارات بشكل جماعي في جلسات الطاقم, وكلعضوة مسؤولة عن اتخاذ القرارات اليومية بنفسها,وذلك كي لا يشل مبدأ اتخاذ  القرارات الجماعي عملالمجموعة والأفراد.
 
3 -  مفهوم جديد للقوة وللتعامل مع السلطة: تفترض الهرمية وتتطلب تركيز القوة بيد الفرد اوالأفراد الواقفين في أعلى الهرم, بينما ينطلق مبدأالمشاركة والتدعيم من توزيع القوة الكامنة في كلإنسان.  وفي حين تنص الهرمية على استعمال القوةوالسلطة الموجودة لديك على الآخرين, نسعى نحنالى تطوير قوتنا مع الآخرين.   فكل فرد يمتلك القوةلاتخاذ القرارات ولتحديد مسار البرامج,  فلا حاجةلتركيزها في يديه,  وإن تم التركيز فبهدف التوزيعمرة أخرى.  من الممكن ان ينشأ وضع تتركز بهالمعلومات في شخص معين (المدير او الموظفبوظيفة كاملة) يكمن التحدي هنا في كيفية التعامل معمصدر مهم من مصادر القوة (المعلومات) وفي مدىقدرة أعضاء الطاقم الآخرين على النقد والتغيير.
 
 يفترض هذا التوجه تعريفاً جديداً للقوة, فكثيرا مانسمع ان "القوة هدامة", وذلك نتيجة استعمالها لفرضالسيطرة على الآخرين, بينما إذا استعملت القوة لتدعيمبعضنا البعض وللتغيير المجتمعي, عندها نتمتع بالقوةونسعى للحصول عليها.
 
ترتبط كلمة السلطة عند غالبيتنا بالسيطرة علىالآخرين في حين نعرض هنا مفهوما جديدا للسلطة,السلطة على حياتك, قراراتك, وقتك وأولوياتك.  انتولي السلطة على هذه الأمور تنبع من مسؤولية ذاتيةبعكس السلطة التى تفرض المسؤولية بقوة القانونوالمجتمع.
 
مثل هذا النموذج لا يخلو من  الخلافات التى منالممكن ان تظهر بين أعضاء الطاقم خاصة وأننابصدد بناء نموذج جديد للتعامل, فكيف نتعامل معهذه الخلافات؟  عادة يحاول كل طرف إثبات صحةموقفه ويلجأ في بعض الاحيان الى إقناع وتجنيدآخرين ليتبنوا مثل موقفه مما يؤدي أيضا الى تزمتوالى تفاقم المشكلة, لذا كان لا بد من أيجاد طرقأخرى لحل الخلافات تعتمد على الاتصال المباشروصولا الى اتفاق, فالقرارات تؤخذ باتفاق الجميعحتى لا نصبح مرة أخرى جماعات في داخلالمجموعة الواحدة.  ومن الجدير في هذا السياق النظرالى بعض المحاولات النسوية في العالم لخلق نماذجمجتمعية تضمن المساواة بين الجنسين وتدعم المرأة.
 
لا نعتقد أننا اجبنا على جميع التحديات التى تقف اليومأمامنا في خلق نموذج إدارة نسوي جديد, ولكننا فيخضم بناء هذا النموذج ولا نزال في سعينا لتطويره .
 
أما بالنسبة للعلاقة بين المتدربات والطاقم فهذا أيضاتحدٍ يتطلب المزيد من المجهود, اذ ان العوامل التىنحتاج الى تغييرها اكثر حدة.
 
 
 
خاتمة 
نحن نرى ان وظيفتنا هي خلق الأجواء التعلمية التيترتكز على قدرات المتدربات ومشاركتهن الفعالة,ولذا فان طرق التعلم المنتهجة هي طرق غير تقليدية. نؤمن ان المتدربة لا تحتاجنا إذا اقتصر دورنا علىالإدلاء بمحاضرة تبسط ما هو مكتوب بالكتب,وتجربتنا الطويلة أظهرت ان هذا التوجه:
 
أ- يعيد الثقة لدى المتدربة بذاتها وبمعرفتها وبقدرتهاوهو ما نسعى أليه في جميع المجالات. فالرؤيةالإيجابية للذات هي أساس للتدعيم, وتعزيزها لدىالمتدربة يساهم في زيادة فعاليتها ومبادراتها فيحياتها الخاصة العامة.
 
ب- وبما أن المتدربات نساء فلسطينيات, فإنمعرفتهن وخبراتهن الحياتية مستقاة من الحياة اليوميةالفلسطينية ومن الموروث الثقافي الفلسطيني,وبالتعامل معها بشكل نقدي وبإعادة الثقة بهذهالمعرفة فأننا نجذر الانتماء ونعيد الثقة بأنفسنا كأبناءللأقلية العربية الفلسطينية التي تواجه محاولاتالطمس الدائم من قبل السلطات الإسرائيلية في كافةمجالات الحياة اليومية, وتتعامل مع ثقافتنا وموروثناالثقافي على انه بدائي.  تهدف هذه المحاولات الىالعدمية القومية فتصورنا في الكتب كحطابين وسقاةماء, وتتجاهل واقعنا المتغير والمتعدد الألوان, بلتحاول الاستمرار في التعامي عن التغيرات الحاصلةفي مجتمعنا, وإن تعاملت معها, تنسبها للعيش فيدولة إسرائيل الديمقراطية!
 
ان الاعتماد على الخبرات الحياتية للمتدربات لا تعيدالثقة بذواتهن فقط بل بموروثهن الثقافي الفلسطينيأيضاً.
 
ج- غالبية هذه المعرفة الموروثة معرفة نسائية تنقلهاالأمهات للبنات, والجدات للحفيدات, وهذا هو أحدالأسباب باعتقادي لعدم توثيق هذه المعرفة بالشكلالكافي حتى ألان, كما وان مجتمعنا لا يتعامل معهاكمعرفة, وإنما كفلكلور, حين ندعمها نحن, نعيد الثقةفي المعرفة النسائية الموروثة عبر العصور ونضعهافي مركز الأضواء ونعيد استعمالها كجزء منمعرفتنا. 
 
ان هذا التوجه يتطلب مواجهة تحديات متنوعةاستطعنا هنا تحديد بعضها وبقي البعض الأخر رهنتجاربنا المقبلة.