التعامل مع الصراعات

       د. هالة اسبانيولي
 
يمكن تعريف الصّراع على أنه شكل من أشكال السلوك التّصادميّ حول أهداف أو مصالح معيّنة بين الأفراد، وهذه الأهداف متضاربة أو لا تتوافق مع بعضها البعض حسب اعتقادهم. وعادة ما يحدث الصراع بين الأطفال في كل مكان يتواجد به أكثر من طفل واحد، وما أكثر حالات تضارب المصالح خاصة في المرحلة الأنويّة حيث يكون الطفل متمركزا حول ذاته وما يهمّه هو تحقيق حاجاته ورغباته،  ولا يستطيع رؤية حاجات ورغبات الطّرف الآخر، كما وأنه لا يستطيع مشاركة الآخرين ألعابه وممتلكاته، ونتيجة حبّ الامتلاك لديه فكل ما يجده أمامه هو له، حتّى عندما يكون هذا الغرض مع طفل آخر فيصرّ على امتلاكه. وهكذا نجد أن الصراع حالة طبيعيّة يمكن معايشتها في العديد من المواقف، ويعتبر أمرا طبيعيّا وصحيّا لتطوّر الأطفال ونموّهم وتعلّمهم مهارات حياتيّة، لكنّ الأمر الأكثر صحّة هو كيف نتعامل مع هذا الصراع؟
هناك من يتعامل مع الصراع بالهجوم والصراخ ويتبنّى أسلوب "القرش" فيهاجم كل من يعارضه أو يعترض له، وأحيانا كثيرة يكون هو المعتدي والمبتدئ بالهجوم. هناك من يخاف من الصراعات ومن المواجهة فيتبنّى أسلوب "السردين" الانسحابي فنراه يهرب من مواجهة أي موقف تصادمي. وهناك من يستطيع التعامل مع الصراع بهدوء واتزان وموضوعية ويتبنّى أسلوب "الدولفين" القادر على الحوار المنفتح. 
من الواضح أن الأسلوبين الأول والثاني لا يحلاّن الصراع، فالاسلوب الأول يجعله يتفاقم ويولّد ردود فعل هجوميّة من الطرف الآخر، والأسلوب الثاني قد يتجاهل المشكلة ويتركها بلا حلّ، وفقط الأسلوب الثالث قادر على المواجهة وحلّ الصراعات. ومن الواضح أن هذه الأساليب  لا تولد مع الانسان وأنما هي وليدة التربية فنكتسبها إما عن طريق التقليد، إما عن طريق التنشئة الاجتماعية وإما من خلال التجارب. ومن السلوكيات التّي يستعملها المربون والأهل والتّي  تشجع الأسلوب الهجومي عبارات مثل: "اللي ضربك أضربه"، "اللي بسلخك اسلخه"، "خليه يطبّشهم، كل واحد بعتدي عليه يطبشه"، "تسمحش ولا لولد يضايقك". أما العبارات التّي تشجع الأسوب الانسحابي فتكون على شكل: "بهمش، ما صار شي"، "بديش تتخاوش مع الأولاد، فوت على البيت وبديش تلعب مع حدا"، "يلا امسحها بهاللحيّة"، "تعيش وتوكل غيرها". أما العبارات  التّي تشجع أسلوب الحوار فتتلخص في تعلّم أساليب المواجهة البنّاءة والتي سنتطرق إليها فيما يلي فبدلا من العبارات السابقة يمكننا مساعدة الطفل باكتساب أساليب بديلة للدفاع عن نفسه مثلا: تشجّع المربية الطفل أن يتوجّه لزميله ويقول له "متمعطنيش انت بتوجعني".
 
لذا فإن تعلّم مهارات حلّ الصراعات وتطوير قدرات تساعد الطفل في حلّ الصّراعات تشكّل أحدى المجالات المهّمة جدا والتي نحتاج إلى تعزيزها وتعلّمها في الطفولة المبكرة. كما وأن إكساب مثل هذه المهارات هو هدف نمائيّ وتربويّ من الدّرجة الأولى. والسؤال هو ما هو دور المربيّة ؟ هل يمكنها التّدخّل في حلّ الصراعات بين الأطفال؟ ما هي نوعيّة هذا التّدخّل؟ ما هي المهارات التي من الضروري إكسابها للأطفال حتى يستطيعوا مواجهة الصراع بأنفسهم؟ سنحاول في هذه الورقة الإجابة على هذه الطروحات.
نحن نؤمن بقدرة الأطفال على التعامل مع مشاكلهم وحلّها بأنفسهم، ولكن عندما يكون الطفل ما زال غير قادر على التعبير عن نفسه فتقوم المربيّة بدور الوساطة وتساعد الأطفال أن يفهموا ماذا جرى بينهم وكيف يمكن أن تحلّ المشكلة، أما عندما يكون الطفل قادرا على التعبير عن نفسه فنحن  نعتقد بأنه من الضروري عدم التّدخّل في حلّ المشاكل بدلا من الأطفال وإعطاؤهم المجال لتعلّم مهارات حلّ الصّراعات ممّا يساهم بنموّهم. تدخّل المربيّة العملي يكون فقط لمنع وقوع الأذى، حين يكون العنف جزءا من الشّجار. عدم التّدخّل عندما لا يكون هناك خطر يعطي رسالة للأطفال بأننا نثق بقدراتهم على حلّ الصراعات وبأننا نؤمن بهم ونعتمد عليهم في حلّ مشاكلهم. بينما يؤدي التّدخّل الدائم إلى الإتّكاليّة وعدم تحمّل المسؤوليّة وعدم التعلّم من التّجارب.
المعرفة العلمية والتجربة العملية في العمل مع الأطفال علمتنا النقاط التالية: 
من الضروري أن تكون المربيّة نموذجا للطفل، لأنّه حسب نظريّة التّعلّم الاجتماعي فإنّ الطّفل يتعلّم ويقلّد سلوكيات البالغين المركزييّن في حياته، والمربيّة هي إحدى الشّخصيّات الهامّة جدّا في حياة الطفل. لذا من الضّروري أن تكون المربيّة واعيّة جدا لأسلوبها في حلّ الصّراعات التّي تواجهها. فالأطفال يراقبون البالغين، يكتسبون سلوكياتهم، يذوّتونها وتصبح فيما بعد جزءا من مركبات شخصياتهم وتشكّل طريقتهم وأسلوبهم في التعامل مع الصّراعات. وكما قالت إحدى المربيّات: "تواجدي بجانب الطفل ودعمي له بشكل دائم يكفي أن يساعده في تغيير سلوكه، لأن الطفل يراقب  المربيّة ويتعلّم من سلوكياتها وتكفي تعابير وجهها أحيانا كي يفهم الطفل إذا كانت المربية متقبّلة وداعمة  أم رافضة له".
 
تعزيز مهارات الإصغاء لدى الطفل وذلك من خلال الإصغاء له أيضا والتّفرّغ لسماعه بكل اهتمام، ممّا  يعطيه الشعور بأننا نحترمه، نهتمّ به وجاهزين لتخصيص الوقت الكافي لسماعه. ومن الضروري التمييز بين الإصغاء والاستماع، فالإصغاء ينتج عن رغبة واهتمام بينما الاستماع قد يكون صدفة، لذا فبالإصغاء نحن نكون متفرغين كليّا وينحصر تركيزنا بالمتكلم ونحن نصغي له بجميع حواسنا. كما وأن الإصغاء يساعدنا على الإحساس بمشاعر الطرف الآخر وبدون الإصغاء لا تتم عملية المشاركة الوجدانيّة.
 
تعزيز مهارة المشاركة الوجدانية :
تبدو بوادر المشاركة الوجدانيّة عند الأطفال بجيل مبكّر جدا، فعندما يرى الطفل طفلا آخرا باكيا يحاول مواساته أو يحاول أن يضع له المصاصة بفمه. ولكن المجتمع لا يعزز مثل هذه السلوكيات ونجد أنها تمحى مع الوقت. لذا فإن التعبير عن مشاركتنا الوجدانية للأطفال تعطيهم الشعور بالارتياح وبأن هناك من يفهم شعورهم ويساعدهم أيضا في تفهمهم لمشاعر الطفل الآخر. قد يحدث أحيانا أن يكون الضرب من أحد الأطفال عبارة عن رد فعل دفاعي للطفل الذي سبق وضربه، فيعتقد  البعض بأن عبارات مثل "خرجك، مستاهل" هيّاك مثل بتضرب ضربوك"، "هيّاك توجعت مثل ما إنت وجعت غيرك" هي عبارات مناسبة لتعزيز مهارة المشاركة الوجدانيّة لدى الطفل. ولكن في الحقيقة فإن هذه العبارات لا تساعد الطفل ولا تعبّر عن تفهّمنا لمشاعره ولا تساعده على التعاطف مع الطفل الآخر لأنها تتجاهل مشاعره.  بينما يمكننا أن نقول له: "أنا بعرف انك تضايقت كثير وتوجعت"، "هل بتفكّر أن لينا تضايقت وتوجعت لمّا معطتها؟" "أستطيع أن أفهم غضبك"، أشعر أنك حزين"، "أعرف أن هذا الأمر مؤلم"، "أنا عارفة إنك متضايق". هذه العبارات تعبّر عن فهمنا لمشاعر الطفل من جهة ومساعدته هو أيضا تفهّم مشاعر الطفل الآخر.
أحيانا يستعمل المربون المشاركة الوجدانية بشكل سليقيّ وحدثي فمثلا عندما نقول للطفل "هات أبوس الواوا" فنحن عمليا نقول له بأننا نعرف أنه توجّع ونريد مواساته، ولذا نجد أن الكثير من الأطفال يهدأون بعد هذه العمليّة.  وكذلك عبارة: "يلا نضرب الأرض" والتّي يستعملها الأهل أو المربون عندما يقع الطفل، هذه العبارة تعبّر عن تفهّم لوجع الطفل وبأن الأرض ألمته، لكنها تعطي شرعيّة للضرب، لذلك من المهم استبدالها بعبارات المشاركة الوجدانيّة مثل: "أنا بعرف إنك توجعت".
 
إرشاد الأطفال حول كيفيّة التعبير عن مشاعرهم بشكل جيّد، ممّا يعطيهم فرصة التّخلّص من المشاعر السلبيّة والاستمرار قدما. ومثل ما قالت إحدى المربيات: "إكساب الطفل أسلوب الحديث عن لغة المشاعر يساعده في حلّ المشكلة، كثير مرات أنا بتركهم يحلّوا المشكلة لوحدهم". "إمبارح صار معي شغلة، سامر وسامي كانا يلعبان معا، الاثنين عيّطوا، قالت المربية الأخرى لسامي ليش ضربتوا، نرفز سامي وقال: "أنا مضربتوش". سُئِل سامر "ايش مالك" وقال "سامي ضايقني"، قاله سامي: "أنا مضربتكاش أنا عملتلك زي ما إنت عملت إلي، أنا بحبك". وهيك حلوا المشكلة بينهم. وعندما يأتي إليّ أحد الأطفال باكيا أعكس له تفهّمي لمشاعره وأقول له: "أنت زعلان"، "أنت موجوع" وأوجهه ليقول لزميله "أنا توجعت"، "أنا زعلان كثير علشان أخذت منّي لعبتي"، "أنا بحبش تضربني" وهكذا ومع الوقت يتعلّم الأطفال لغة التعبير عن مشاعرهم.
 
إعطاء شرعيّة للمشاعر دون إصدار أحكام. فالمشاعر جميعها شرعيّة لا يمكن التّنّكر لها أو تجاهلها أو إصدار الأحكام عليها كأن نقول للطفل:"مش لازم تزعل"، "مش لازم تخاف"، "ممنوع تغضب"، بل على العكس من ذلك من الضروري تفهّم المشاعر وإعطائها الشرعيّة، يمكننا عدم الموافقة على السلوك المرافق. من هنا فمن الضروري التمييز بين المشاعر وبين السلوكيات المرافقة لها، فالشعور في جميع الحالات هو أمر شرعي لا يمكن مناقشته ومن الضروري تفهمّه، لكن يمكننا تعديل السلوك المرافق، كأن نقول: "أفهم غضبك لكنّني لا أسمح باستعمال العنف". من المهم المثابرة والثبات في وضع الحدود وعدم إعطاء شرعيّة للسلوك العنيف، بل التأكيد على أنّني لا أسمح بمثل هذا السلوك، ولكن هذا يأتي دائما بعد تفهّم المشاعر
 
 
إعطاء بدائل سلوكيّة تتناسب مع الموقف. أي من أجل تعديل السلوك من الضروري إكساب الطفل بدائل سلوكية، كأن نقول: "أفهم غضبك، لكنني لا أسمح لك باستعمال العنف، يمكنك التعبير عن غضبك كلاميّا"، "أفهم أنك زعلان من أخيك، لا أسمح لك بضربه، يمكنك أن تخبرني بماذا حدث أو يمكنك أن تقول له بأنك متضايق من..."  أو أي بديل آخر يمكن أن يقترحه الطفل أيضا، يمكننا أن نسأله: "كيف يمكنك التعبير عن غضبك بطريقة أخرى". هذا الأمر يتعلق بجيل الطفل طبعا، فعندما يكون الحديث عن جيل الحضانة فمن الضروري أن نضع الحدود الواضحة ونعطي البدائل التّي تحقق نفس الهدف. وإذا لم نستطع فهم هدف الطفل من وراء سلوك معيّن، علينا مراقبة الطفل لفترة معينة حتى نفهم منبع السلوك وهدفه.  وهنا أحضرت مربيّة مثالا على ذلك قائلة بأن الطفلة شذا عندما تحاول أن تقف فهي تمسك بشعر الطفل الذي يقف بجانبها حتى تتكئ عليه. في البداية اعتقدت أنها تكثر من المعط ولكن راقبتها وفهمت سلوكها وأعطيتها بديلا للاتكاء. "قلت لها: "إنت حابّة توقفي، تعالي نروح بجانب التخت وهيك بتقدري تمسكي بالتخت لأننا لمّا بنمسك شعر غدير هيّ كثير بتتوجع. وهكذا عندما نراقب سلوك الطفل نفهم مصدره ونستطيع أن نعطي البدائل بتلاؤم مع هدف الطفل. وقالت مربيّة أخرى: "لديّ طفلة تحاول دائما أن تمسك الملعقة وتطعم طفلة أخرى، فقلت لها: "أنا بعرف أنك حابّة تطعمي سهير، بس سهير أنا بطعميها، خذي هذه اللعبة وأطعميها.
 
منحهم الإحساس بالتقدير والمحبّة والدعم وعدم إشعار الطفل بافتقاده لمحبّة الكبار لأنه كان شريكا بالصراع، بل على العكس من الضروري التمييز بين محبتنا غير المشروطة للطفل وبين زعلنا منه أو غضبنا عليه لأنه تصرّف بشكل غير مرضِ. فهذا يعني بأننا نحب الطفل بدون علاقة بتصرفاته، نحبّه في جميع الحالات، قد نغضب من بعض تصرفاته ويمكننا أن نعبّر عن ذلك بقولنا: "أنا أحبّك ولكن أغضب جدا عندما أراك تضرب أو تشتم..." . 
 
إعطاء الشعور للطفل بأنه مرئي: استعمال عبارات مثل: "أنا شايفتك"، "أنا حاسّة معك"، "أنا شايفة أنك اليوم لابس طقيّة جديدة" أو أي عبارات تدل على أننا منتبهين للطفل الفردي ونلاحظ وجوده ونلاحظ أيضا التغيير الذي يحصل عنده، مما يعطيه الشعور بالأمان ويشبع لديه الحاجة إلى لفت النظر فلا يعود بحاجة إلى الدخول في شجار مع الآخرين كوسيلة للفت النظر. كما وأنه يكون مكتفيا وراضيا ويحاول أن يعمل الأمور الجيّدة لإرضاء المربيّة أيضا.
 
من المهم الحديث عن السلوك العيني الذي يقوم به الطفل حتّى يتعلّم ما هو السلوك المرفوض من قبلنا، لذا من الضروري التحديد مثل: "أغضب جدا عندما أسمعك تشتم وليس أغضب من هذا التّصرّف" لأن كلمة تصرّف كلمة عامة غير محددّة ولا يستطيع الطفل أن يفهم ما الذي يغضبنا. "أنا لا يعجبني أن ترفع يدك وتضرب الأطفال" بدلا من "لا يعجبني سلوكك هذا". وكذلك عندما نتحدث عن السلوك الايجابي من المهم تحديد السلوك مثل: "ما أحلى سامي لمّا برجّع الألعاب محلها بعد ما يخلص لعب" بدلا من "سامي كثير شاطر". أي أنه من المهم استعمال الترجمة الكلامية التفصيليّة لسلوك الأطفال وهكذا يتعلّم الأطفال ما هي السلوكيات المقبولة أو المرفوضة.
 
التركيز على ايجابيات الطفل: تميل الغالبية العظمى من المربيات على التركيز على سلبيات الطفل بهدف التصحيح وتغيير السلوك السلبي، ولكن من المهم أن نعرف بأن التركيز على السلبيات وتكرار ذكرها يعززها ويثبّتها لأننا من خلال التركيز على السلوك السلبي فكأننا نقول للطفل نحن نتوقع منك أن تسلك هذا السلوك فإذا أكثرنا الحديث عن سلوك الطفل العنيف ورددنا عبارة "لماذا أنت عنيف هكذا"، "حاول أن لا تكون عنيفا"، "حاول أن لا تسلك سلوكا عنيفا" ، "لماذا تكثر من ضرب الأطفال" وهكذا فإن تركيزنا على هذه الأمور يعززها بدلا من أن يغيّرها. لذا من المهم رؤية الجوانب الايجابيّة لدى الأطفال والتركيز عليها وتجاهل السلوكيات السلبيّة في بعض الأحيان. فعندما نقول للطفل ما هي الأمور المرغوبة يستطيع أن يكررها  ويعززها.
 
الابتعاد عن وصمة الطفل بوصمة سلبية مثل"عنيف"، "مشاغب"، "كثير الشجار" فهذه الوصمات تجعلنا نحكم على الطفل  بأنه كذلك وهو بدوره يؤمن بهذه الصورة التي نفرضها عليه ويذوتّها وندخل في دائرة مغلقة إذ ينطلق تعاملنا مع هذا الطفل بناء على هذه الوصمة فنتعامل معه بشكل سلبي ونرفضه، مما يزيد من إحباطه ومن ردود فعله العنيفة، وهذا "يثبّت" ما سبق ووصفناه به أي تحدث هنا النبوءة التي تحققق ذاتها. لذا من المهم التركيز على سلوك الطفل العيني وليس على شخصه، من الممكن أن نقول أن السلوكيات عنيفة وليس الطفل "عنيف". كما وأنه من المهم أن نرى الطفل بجميع جوانبه وعدم التركيز على جانب واحد من شخصيته وعادة ما يتم التركيز على الجانب السلبي ممّا يدخلنا بالدّوّامة أعلاه.
 
قد يكون العنف تعبيرا عن مشكلة في وضع الحدود، عندما لا يحصل من البالغين حوله على قوانين واضحة بالنسبة لما هو مسموح ولما هو ممنوع. لذا من المهم وضع قوانين سلوكيّة وأنظمة لا تسمح باستعمال العنف. ومن المهم أن تكون الرسائل قصيرة وواضحة ومفعمة بالحب والاحترام .
 
استعمال رسائل "الأنا"  عند التعامل مع الأطفال لأننا بذلك ننقل لهم أيضا هذا الأسلوب ونعوّدهم اتّخاذ المسؤولية على مشاعرهم ونعوذدهم أن يتوجّهوا لزملائهم بمثل هذا الأسلوب؟
 
تطوير الثّقة بالذات والتّقدير الذاتيّ لأن الإنسان الواثق بنفسه هو فقط القادر على احترام غيره وتطوير حوار منفتح على أساس من التّقبّل والاحترام. فكيفيّة تعاملنا مع الأطفال تنعكس على شخصياتهم، واحترامنا لهم يزيد من احترامهم لذاتهم وتساعدهم على تنميّة التقدير الذاتيّ والصورة الايجابية لذواتهم. ومن ثمّ تنعكس على تعاملهم مع البيئة المحيطة بهم وقدرتهم على احترام الآخرين. 
 
الامتناع عن الاتّهامات وإلقاء اللّوم على أحد الطرفين. من الضروري الانطلاق من أن الطفل لا يقصد إيذاء الآخرين، فهذا الإدراك يخفف من مشاعرنا السلبيّة تجاه الطفل "المعتدي"، ومن ثمّ يتغيّر سلوكنا معه. هناك علاقة وطيدة بين الإدراك والتفكير، الشعور والسلوك. فإذا اعتقدنا أن الطفل الذي "يدفع" طفلا آخر ويوقعه أرضا، يقصد فعلا إيذاءه فإننا نشعر بالغضب تجاه هذا الطفل ومن ثمّ يكون ردّ فعلنا عصبيا تجاهه.  ولكن عندما نكون مقتنعين أن الأمر لم يكن مقصودا ولم يكن هدفه الإيذاء فيكون شعورنا مختلفا ومن ثمّ يتغيّر سلوكنا. وعندما ندرك بأن الطفل "مش" قصده يضرب أو يؤذي، لا يكون هناك اتهام للطفل، ولا حاجة إلى توجيه سؤال للطفل: "ليش ضربته؟"وإنما ننطلق من مشاعر الطفل ومن المكان الموجود به. 
 
الابتعاد عن التحقيق مع الأطفال: "ليش عملت هيك"، "ليش ضربته" ،"شو صار" ، "مين اعتدى" فالاطفال غالبا ليس لديهم الأجوبة، المهم هو تفهّم مشاعر الطرفين وفحص السلوكيات البديلة.
 
الابتعاد عن إعطاء المواعظ: هناك بعض المربيات اللواتي تحاولن أن تتحدث مع ضمير الطفل وتحاول إعطاء المواعظ الخلقيّة: "ليش ضربته، ما أنت بتحبه"، "مش عيب تشتمه" "يلا بوسوا بعض" "لأ، هاذا صاحبك، لازم تحبوا بعض"، وما إلى ذلك. من المهم أن نعرف بأن الطفل الغاضب لا يكون متفرغا لسماع النصائح والمواعظ ، هذا الأسلوب لا يساعد على تغيير سلوك الطفل السلبي، من المهم أن نعبّر عن مشاركتنا الوجدانيّة للطفل، نفهم مشاعره ونساعده أن يضع نفسه مكان الطفل الآخر حتى يستطيع أن يشعر معه أيضا. 
 
توفير بيئة غنيّة بالمثيرات المحببّة على قلوب الأطفال وذلك لتمكين الأطفال من الانشغال بأمور ممتعة ممّا يقلل من الشجارات، ويؤكد علم النفس بأن الطفل الراضي، المكتفي والمبسوط يكون أقل عنفا وشجارا من الأطفال الآخرين.
 
 
من الفعاليّات العينية التي يمكن أن نقترحها أيضا:
القصة ومسرح الدمى من أحب وأمتع الفعاليّات على قلوب الأطفال، يمكننا استعمال قصص مناسبة لتمرير رسائل وأساليب وعادات سلوكية مقبولة لاستعمالها لحلّ الصّراعات مثل قصة: أنا لست شقيّا، (تأليف: صفاؤ عمير)، "فارس وأمل (تأليف: سامح عبّوشي)، التوأم (تأليف:                     )، مستشفى الألعاب (تأليف:                )، "ماذا نفعل عندما نزعل ونغضب" (تحرير: شولا مودان وترجمة: فاضل علي)
 
الأغاني: لا نتغاوش، الايدين الصغيورات
 
الدهان، اللعب بالطين، عمل النجّار، الضرب على آلة ايقاعيّة،  التمزيع، الغعاليّات الرياضيّة، الموسيقى الهادئة، ألعاب الأيدي... جميعها تساعد على التفريغ بطرق ايجابية وتخفّف من السلوكيات العنيفة.