واقع التّربية  في الطّفولة المبكرة في المجتمع العربيّ الفلسطيني في إسرائيل

نبيلة إسبنيولي

 

مقدمة

يعرف علماء التّربية وعلم النفس أهمّيّة دور الطّفولة المبكرة في بلورة شخصيّة الفرد. يحظى هذا الموضوع باهتمام كبير في البلاد وفي العالم بفضل الأبحاث التي اكتشفت الفائدة الكبيرة التي يمكن أن يحقّقها المجتمع، بشكل عام، من الاستثمار في الطّفولة المبكرة (סנפיר, סיטון וצימט-רוסו, 2012; Campbell, Pungello, Miller-Johnson, Burchinal, & Ramey, 2001; Evans, 1996; McCormick et al., 2006; Ramey & Ramey, 2004; Reynolds, Temple, Roseraton, & Mann, 2001).

تعتبر السنوات الأولى من حياة الطفل السنوات الأكثر تأثيرًا على استمرار تطوّره في المستقبل. من الأبحاث التي أجريت في العقد الأخير في مجال تطوّر الدّماغ  تبيّن أنّ الدّماغ  في الطّفولة المبكرة يتطوّر بشكل سريع. كما تبيّن أنّ تجارب الحياة في الطّفولة المبكرة تؤثّر على تطوّر الدّماغ  بسبب مرونة الوصلات العصبيّة (Karmiloff-Smith, 2006; UNESCO, 2005; UNESCO, 2007; وكثيرون غيرهم). وعليه، فإنّ انكشاف الطفل على بيئة داعمة ومُثرية مهمّ بالنسبة إلى تطوّره الذهنيّ  والعاطفيّ.  تتمثّل هذه البيئة، من الناحية البشرية، بواسطة طاقم من المعالِجين المهنيين/ المعالِجات المهنيّات، وبإثراء لغويّ وتعليم يتلاءم مع النمو ، ومن الناحية الجسمانية يجب أن تكون بيئة متلائمة مع االنمو وتضع تحدّيًا بدنيًّا حركيًّا وتوفّر للطفل المحفّزات والألعاب.   

العناية بالطفل في الطّفولة المبكرة وفي السنوات الأولى بالذات لا تقتصر على الأطر التّربويّة الرسمية وغير الرسمية فقط، بل تشمل جميع المجالات المرافقة والداعمة لتطوّر الطفل/ة وتؤثّر على تطوّره، مثل العناية بالأمّ الوالدة، متابعة تطوّر الجنين، العناية الصحّيّة الأوّليّة والعناية الوقائيّة، تقافة الطفل، التنوير الموجَّه للطفل، تربية الأولاد وغيرها. 

يعاني، للأسف، قسم كبير من الأطفال في الطّفولة المبكرة في المجتمع العربيّ الفلسطيني في إسرائيل من التمييز الذي يتمثّل في تحديد الخدمات والإمكانات المقدَّمة لهم.  يواجه الوالدان تحدّيات كبيرة جدًّا في الواقع الذي ليست جميع الأطر التّربويّة  الخاصّة بالطّفولة المبكرة فيها ملاءَمة  للطفل، في قسم كبير من الأطر التّربويّة  لا توجد مناهج تربوية  مبنينة ومنتظمة كما أنّ المربّيات  بحاجة ماسّة إلى توجيهات وإرشادات وبرامج مساعدة باللغة العربية . 

يتألّف هذا المقال من قسمين: القسم الأوّل والذي عنوانه "محطات أساسيّة في تاريخ الطّفولة ّ المبكّرة"، يستعرض أحوال الأطفال الفلسطينيين في الطّفولة  المبكرة في إسرائيل حتّى أيّامنا. أمّا القسم الثاني من المقال  فيلخص عشرة تحديات تتعلّق بالتّربية في الطّفولة الطّفولة المبكرة في المجتمع العربيّ.

لماذا لم يترجم هذا الجزء من المقال؟

אני, כותבת המאמר, מגדירה את עצמי כפעילה פוליטית ופמיניסטית, פלסטינית גאה ואזרחית ישראלית אכפתית, הנלחמת למען שוויון זכויותיה של האוכלוסייה הפלסטינית בישראל  ולמען חברה אזרחית המבוססת על צדק חברתי.  במאמר זה אתייחס לחינוך בגיל הרך באוכלוסייה הפלסטינית, תחום שאני פועלת לקידומו ופיתוחו מאז 1987, אז סיימתי לימודי פסיכולוגיה קלינית באוניברסיטת באמברג שבגרמניה.  במשך השנים פעלתי בתחום ולימדתי בין השאר בדאר אלטפל אלערבי בעכו, במכללת אורנים ובמרכז אל-טפולה בנצרת. שימשתי במסגרת תפקידי כאשת חינוך וכמנהלת מרכז אל-טפולה שייסדתי יחד עם נשים אחרות בשנת 1989.  פרסמתי מאמרים וספרים רבים לגיל הרך, ביניהם אלתרביה אלגנסיה באלטפולה אלמובקרה (اسبانيولي אספניולי 1997) (חינוך מיני וזהות מינית לגיל הרך), אלרודה מבנה בורנאמג ופעיליאת (اسبانيولي אספניולי 2000) (מבנה הגן ופעילויותיו), חדאנאת אלטפל ותנשאת (اسبانيولي אספניולי 2002) (המעון וגידול התינוק) ואל-אלעאב ולנמו (اسبانيولي אספניולי 1994) (משחקים והתפתחות). כמוכן ערכתי מחקרים עם עמיתות אודות המיניות בספרי ילדים (اسبانيولي אספניולי 2002) ובספרי לימוד הערבית (اسبانيولي אספניולי 2009) ומחקרי הערכה בתחום הגיל הרך. השתתפתי כאשת חינוך במאבק ארוך שנים של הוועד לקידום החינוך בגיל הרך בחברה הערבית והייתי יושבת הראש של פורום זה במרכז שתיל.  על בסיס הניסיון שצברתי, התבקשתי לכתוב מאמר זה ונרתמתי למשימה מתוך אמונה שכדי לממש את חזוני לראות את מדינת ישראל כמדינת כל אזרחיה, יש להעריך את הייחוד של המיעוט הלאומי הפלסטיני ולראותו כחלק אינטגרלי מהאוכלוסייה במדינה. כמו כן יש לפעול לסגירת הפערים שנוצרו לאורך שנים של הזנחה ואפליה. מאמר זה מנסה להדגיש את חשיבות מטרה זו. יתרה מזאת, חשוב לציין כי אף שאני מודעת לפלורליזם של האוכלוסייה הפלסטינית המורכבת מקבוצות שונות בדת והמפוזרת גיאוגרפית בנגב, במשולש ובגליל, בכפרים ובערים, בחרתי במאמר זה להציג נתונים כלליים ולהימנע ממיון לפי תבחינים (קריטריונים), להוציא במקרים מיוחדים. זאת כדי להצביע על ייחודיותה של קבוצה מסוימת ולא להביא להדרתה או לניתוקה מן הכלל. לסיום אבקש לציין שהמאמר מנוסח בחלקו בלשון זכר, אולם הוא מתייחס לנשים וגברים כאחד.

 

القسم الأوّل: محطات أساسيّة في التاريخ الفلسطيني للطفولة المبكرة

من أجل أن نفهم الوضع السائد حاليًّا في مجال التّربية والتعليم لا بدّ لنا من تتبّع التطوّرات التي طرأت على مجال التّربية والتعليم في التاريخ الفلسطيني. معظم الأبحاث والمقالات حول التّربية والتعليم في البلاد ألقت الضوء على ما حدث في البلاد منذ قيام دولة إسرائيل وسَنّ "قانون التعليم الإلزاميّ"، في سنة 1949. إلّا أنّ مؤسسات تربويّة عربيّة وعددًا من المؤسسات التّربويّة اليهوديّة كانت قد أقيمت قبل قيام الدولة. نستعرض بإيجاز نقاطًا مركزية في التّربية والتعليم لها صلة بفهم أحوال التّربية في الطّفولة  المبكرة في المجتمع العربيّ – الفلسطيني في إسرائيل اليوم. 

التّربية والتعليم في فلسطين : قبل قيام دولة إسرائيل

"الكتاتيب" (صفوف التعليم التقليدية) التي علّمت القراءة والكتابة هي مؤسسات التّربية  الأولى في فلسطين. لقد أقام الفاطميون في القدس في سنة 1099 "دار العلم"، كما أقاموا معهدًا لتعليم الطبّ في القدس وآخر في فترة متأخرة في صفد. ازدهر في عهد الفاطميين موضوعا الجغرافيا والأدب. من المحتمل أنّ أوّل مدرسة أقيمت في فلسطين بصورة المدرسة التي نعرفها اليوم كانت المدرسة الصلاحية التي أسسها صلاح الدين الأيوبيّ في القدس في سنة 1129 (الدباغ، 1990).     

تأثر تطوّر المعرفة بالوضع الاقتصاديّ الذي ساد المنطقة. على سبيل المثال: في العهد المملوكي في القرن الـ 15 تحول موضوع بناء المدارس إلى هدف تنافس عليه  ميسوري الحال . في تلك الفترة أقيمت أكثر من 56 مدرسة.  بدأ الازدهار في جهاز التّربية والتعليم واستمرّ في بداية العصر العثماني (1516 - 1917)، وقد طرأ عليه تراجع بموازاة التراجع الذي طرأ على الإمبراطورية العثمانية.  سنَّ العثمانيون في سنة 1856 قانون التعليم الإلزامي المجّانيّ وسمحوا للطوائف المختلفة إقامة مدارس خاصّة بها. أعلن الانتداب البريطانيّ الحكم العسكريّ في فلسطين في السنوات 1917 – 1920. بعد تأسيس الحكم المدنيّ اعتُرف بجهازي تربية وتعليم: عربي ويهودي. كان الجهاز اليهوديّ مستقلا وغير مرتبط بسلطة الانتداب، أمّا جهاز التّربية العربيّ فلم يحظ بالاستقلالية بل كان خاضعًا لسلطة حكومة الانتداب البريطاني. ولذلك اضطرّ إلى الاكتفاء بميزانيات محدودة خصّصها له الانتداب البريطاني.

بعد النكبة الفلسطينية في سنة 1948 وإقامة دولة إسرائيل، طرأت تغييرات كثيرة على مبنى المجتمع العربيّ الفلسطيني في إسرائيل. أدّت النكبة إلى هدم قرى عربية، وإلى طرد وهرب مواطنين عرب من بيوتهم، وهدم البنية التحتية الاجتماعيّة والاقتصادية. صودرت الأراضي ووُضعت قيود على الحرّيّات الشخصيّة وعلى الحريات السياسيّة والاجتماعية  خلال فترة الحكم العسكري الإسرائيليّ. لقد أدّى هدم البنية التحتيّة الاقتصاديّة الأساسيّة للمجتمع الذي اعتمد على الفلاحة حتّى سنة 1948، إلى تغييرات اجتماعيّة وسياسية أثّرت كلّها على مبنى المجتمع. لم ترافق التغييراتِ المادية، التي طرأت نتيجة لعوامل وضغوط خارجيّة فُرضت على المجتمع، تغييرات في المبنى الاجتماعي. كانت الأمّ مكلّفة برعاية أبنائها جنبا إلى جنب مع استمرارها في القيام بعملها في الزراعة. عندما ذهبت الأمّ إلى الحقل انضمّ إليها أولادها. هذا الوضع مألوف في أيّامنا أيضًا.  لهذا، لم تستدعِ الحاجة إلى وجود أطر لرعاية الأولاد بسبب غياب الأمّ عن المنزل، كما حدث في المجتمعات الصناعيّة نتيجة لعمليات التطوّر البنيوي التي طرأت عليها والتي رافقت التغييرات الاقتصاديّة. هذه الحقيقة كانت سببا في تأخير الاهتمام الرسمي وغير الرسمي في المجتمع الفلسطيني بالتّربية للأطفال في الطّفولة الطّفولة المبكرةبحد ذاته أو بتطويره كخدمة للأمّ العاملة Espanioly, 1997; 2006)).

التّربية  الفلسطينية للطفولة  المبكرة في إسرائيل فيما بين  1976-1948

لقد عانت التّربية  الفلسطينية في أواخر فترة الانتداب من إهمال حكومة الانتداب له ومن درجة كبيرة من  الارتباط في اللسلطة.  بعد قيام الدولة استبدل هذا الارتباط  برضوخ لحكومة إسرائيل.  تبنّت دولة إسرائيل معظم القوانين التي كانت سائدة في فترة الحكم العثماني أو في فترة الانتداب البريطاني. بناء على هذه القوانين تعلّم الأطفال الفلسطينيون مواطنو الدولة في المدارس، في الأماكن التي وُجدت فيها مثل هذه المدارس. الروضة الإلزامية (البستان) الرسمية كانت جزءًا من المدرسة. بينما، بالمقابل، رياض الأطفال غير الإلزامية (الاختيارية: أي المعدّة للأطفال ما بين 3 – 5 سنوات) لم تكن موجودة في المجتمع الفلسطيني في إسرائيل، باستثناء عدد من المدارس الخصوصية/ الأهلية في المدن الكبيرة، التي استوعبت أطفالا دون سنّ الخمس سنوات.  وعليه، ففي حين ازداد عدد الأطفال اليهود في رياض الأطفال غير الإلزامية زيادة كبيرة، وبشكل خاصّ عندما قامت تنظيمات نسائية مثل نعمات وفيتسو وإيمونا بفتح أطر تربوية للطفولة  المبكّرة خدمة للأمهات اللواتي خرجن للعمل، بقيت نسبة الأطفال العرب في رياض الأطفال غير الإلزامية منخفضة جدًّا.

الصعوبات السياسيّة، الاقتصاديّة، والاجتماعية التي واجهت الشعب الفلسطيني الذي بقي في البلاد أثّرت سلبًا على الاهتمام بتطوير بنى تحتية ملائمة للطفولة  المبكرة بين السنوات 1948 وَ 1966.  

في الماضي كانت المسئولية عن تعليم الأطفال في الطّفولة المبكرة ملقاة على عاتق العائلة الممتدّة، حيث شارك في تعليم وتربية الأطفال الجدّ والجدّة والعمّ والعمّة مشاركة فعّالة. ولكن، نتيجة للتغييرات التي حدثت، انفرط عقد العائلة التقليدية وأصبحت العائلة النواة (الأسرة) هي الإطار الذي يميّز العائلات الشابّة.   

من الجدير بالتنويه أنّ العائلة الممتدة ما زالت تلعب دورًا فعّالا في تربية الأطفال. مع ذلك، اضطرت عائلات نووية كثيرة الانتقال والسكن بعيدا عن العائلة الممتدّة لأسباب تتعلق بالعمل واكتساب الرزق. في كثير من العائلات خرجت المرأة للعمل كأجيرة في مصنع أو خدمات مختلفة، من أجل المشاركة بدعم عائلتها ومن أجل تحقيق ذاتها وتقدّمها الشخصيّ وتقدّم المجتمع الذي تعيش فيه.

التغييرات الاقتصاديّة والسياسية التي حدثت في المجتمع، زادت من الوعي بضرورة إقامة مؤسسات خاصة لتعليم الأطفال في الطّفولة المبكرة. هذه التغييرات كانت أحد الأسباب الرئيسية لإنشاء وتطوير مؤسّسات للتربية في هذه السنّ. كما توسّعت المعرفة العلمية المبنية على أبحاث في مجال علم النفس التطوّري وعلم التّربية والتي ساهمت في زيادة الوعي بأهمّيّة السنوات الخمس الأولى من حياة الطفل ومساهمتها الجوهرية في تطوّره. ان التّربية في الطّفولة المبكرة تعتبر أحد العوامل المهمّة التي تؤثّر على حياة الطفل أو الطفلة وكذلك على المجتمع الذي يعيشان فيه.

التّربيةالتّربيةالطّفولة المبكرةالتّربيةالطّفولة المبكرةالتّربية  الفلسطينية للطفولة  المبكرة في إسرائيل فيما بين  1976 وَ 1992

بين السنوات 1976 وَ 1992 حدث تطوّر في الجهود المبذولة من أجل تطوير بنية تحتيّة تربويّة – للطفولة  المبكرة في المجتمع الفلسطيني. كان هذا التطوّر مرتبطًا بالحاجات الجديدة التي نجمت عن التغييرات البنيوية في المجتمع وعن خروج المرأة إلى العمل كأجيرة في المصانع أو في الخدمات المختلفة. رافقت هذا التطوّر في دور المرأة مبادرات مختلفة لتطوير بنية تحتية أساسيّة تتلاءم والحاجات الجديدة، وكان هذا أحد الدوافع الرئيسة لإقامة مؤسّسات تربوية للطفولة المبكرة.

في أواخر السبعينيات وبداية الثمانينيات من القرن الـ 20 فُتحت رياض أطفال غير إلزامية وحضانات في أعقاب مبادرات من مجموعات نسائية عربية.  وهكذا، على سبيل المثال،  أسّست النساء الديمقراطيات في القرى والمدن المختلفة في الناصرة، في سنة 1984 "مؤسسة حضانات الناصرة" والتي تمّ تسجيلها في فترة لاحقة (في سنة 1990) كجمعية مستقلّة. جزء من هذه المبادرات التي انشغلت بالعناية بالطّفولة  المبكرة تطوّرت وتمأسست كجمعيات  غير حكومية غير هادفة للربح.  من بينها نذكر: مركز الطّفولة، مؤسسة حضانات الناصرة، ودار الطفل العربيّ في عكا التي افتتحت لها فروعا في المثلث وفي يافا  في سنة 1989. كما أقيمت جمعية "تطوير اللقيّة" في النقب، "صندوق تطوير برامج للطفولة  المبكرة" في القدس، "رابطة عرب يافا" وجمعيات كثيرة أخرى تسجّلت لدى مسجّل الجمعيات من أجل إقامة حضانة أو روضة غير إلزامية.

المبادرة لتطوير مثل هذه البنى التحتية دمجت ضمن مبادرات مختلفة لإقامة بنية اجتماعيّة أساسيّة تلائم السمات الحالية للمجتمع وفي الوقت نفسه تحافظ على الهويّة الفلسطينية.  أقيمت لجان متابعة مختلفة ومن بينها "لجنة متابعة قضايا التعليم العربيّ" التي أقيمت سنة 1984 كجمعية شعبيّة تمثّل الجمهور العربيّ في الدولة فيما يتعلّق بالتّربية والتعليم.  تعمل هذه اللجنة إلى جانب لجنة المتابعة العليا لقضايا المجتمع العربيّ الفلسطيني في إسرائيل. وهي مؤلفة من رجال مجتمع وتربية مثل رؤساء السلطات المحلّيّة العربيّة، مدراء أقسام التّربية (المعارف) في السلطات المحلّيّة، أعضاء الكنيست العرب، ممثلين عرب في منظمة المعلمين القطرية وفي نقابة المعلمين، وأكاديميين، وممثلي الاتّحاد القطري للجان أولياء أمور التلاميذ العرب، ممثلين عن الاتّحاد القطري لطلاب الجامعات العرب، ممثلين عن الاتّحاد القطري للتلاميذ العرب في المدارس الثانويّة، مديري المدارس العربيّة وممثلي تنظيمات جماهيرية وائتلافات تعمل في مجالات التعليم العربيّ. الهدف الرئيسي لجمعية متابعة قضايا التعليم العربيّ هو تطوير التعليم العربيّ على جميع المستويات والأصعدة، من منطلق الاعتقاد بحق كلّ  طفل بالتعليم وتحقيق الذات والحصول على فرص متكافئة لتطوير قدراته ومواهبه.

من الجدير بالذكر أنّ عدم وجود "أب" قانوني (الحكومة) يهتمّ بمصالح مجتمعنا بما في ذلك بناء المدارس، المراكز التعليمية والروضات  غير الإلزامية أجبرنا على أخذ زمام المبادرة والعمل على تطوير مجالات مختلفة والخدمات المرافقة لها. امتازت جميع المحاولات السابقة بأخذ زمام المبادرة والمُطالبات المتكررة من الحكومة للقيام بواجبها نحو المجتمع (إسبانيولي, 2008).

التّربية  الفلسطينية للطفولة  المبكرة في إسرائيل فيما بين  الطّفولة المبكرة1992 وَ 1999

في سنة 1992 كانت غالبيّة الأطفال أبناء 5 سنوات وما فوق موجودين في رياض الأطفال الإلزاميّة  (البساتين). ولكن، كانت هناك حاجة إلى أطر إضافيّة مما حدا بمجموعات مختلفة إلى تفعيل ضغوط على الحكومة من أجل تطبيق قانون التعليم الإلزامي اعتبارا من سنّ 3 سنوات. في سنة 1992 أقيمت لجنة لرعاية الطّفولة ّ المبكرة في المجتمع الفلسطيني في البلاد. كان هدف اللجنة التي عملت حتّى سنة 2002، مطالبة الوزارات المختلفة بزيادة وعي المجتمع المحلّيّ بأهمّيّة التعليم بالنسبة إلى الطّفولة  المبكّرة. من بين المشاكل الأساسيّة التي عملت اللجنة على متابعتها وحلّها كانت:

·      زيادة وعي المجتمع بأهمّيّة التعليم في الطّفولة ّ المبكرة.

·      زيادة اهتمام السلطات المحلّيّة العربيّة بدورها في هذا المجال، وخاصة فتح روضات أطفال غير إلزامية للأطفال أبناء 3 – 5 سنوات.

·      تفعيل ضغوط على وزارة العمل والرفاه الاجتماعي بهدف رفع مستوى تأهيل مربيات  الرياض والحاضنات اللواتي يعملن مع الأطفال في المجتمع العربيّ من سنّ الولادة وحتّى سنّ 3 سنوات.

·      تفعيل ضغوط من أجل زيادة صفوف التأهيل لمربيات الطّفولة المبكرة في الكليات ومؤسسات التأهيل الرسمية.

·      مطالبة الوزارات بالمصادقة على قانون التعليم الإلزامي من سنّ 3 سنوات وتطبيقه في المجتمع العربيّ.

·      تفعيل ضغوط من أجل تبني معايير واضحة لتطبيق قانون التعليم الإلزامي المجانيّ.

النضال من أجل تطبيق  قانون التعليم الإلزامي المجانيّ

التمييز القائم ضد المجتمع الفلسطيني في البلاد منذ سنوات طويلة خلق فجوة عميقة بين الخدمات التي تقدَّم للطفولة  المبكرة في المجتمع اليهوديّ وبين الخدمات التي تقدَّم للطفولة ّ المبكرة في المجتمع الفلسطينيّ في إسرائيل. ناضل الجمهور الفلسطيني ضد التمييز بكل صوره وأشكاله المختلفة. النضال من أجل تطبيق/ سريان مفعول قانون التعليم الإلزامي هو نموذج لنضال جماهيري مهنيّ وسياسيّ ولنجاحه توجد انعكاسات كثيرة على المجتمع الفلسطينيّ.

تمّ تعديل قانون التعليم الإلزاميّ المجّانيّ في سنة 1984 حيث أقرّ بضرورة وجود الأطفال من سنّ 3 سنوات ضمن أطر تربوية مناسبة. اقترح أن يبدأ سريان مفعول هذا القانون على هذه المجموعة العمرية، في جميع مناطق البلاد حتّى سنة 1992.  بعدها تمّ تأجيل بدء تطبيق القانون بعشر سنوات أي حتّى سنة 2002. في تلك الفترة أقيمت لجنة للطفولةّ المبكرة في مؤسسة  "شتيل" الذي يزوّد خدمات دعم واستشارة لمؤسسات تسعى لر للتغيير الاجتماعي في إسرائيل. شاهدنا كيف أنّ تطبيق القانون في المجتمع اليهوديّ يتقدم بسرعة، في حين أنّ الوضع في المجتمع العربيّ بقي كما هو بدون أيّ تغيير، وبالذات فيما يتعلق بالاستثمارات الحكومية في مجال الطّفولة ّ المبكرة. بناء عليه، بدأنا بعملية وضع مطالبنا أمام الحكومة بهدف تطبيق القانون في المجتمع العربيّ أيضًا. كان ذلك بالتعاون مع لجنة المتابعة ومع أعضاء الكنيست وبشكل خاصّ مع تمار جوجانسكي، نائبة الكنيست عن  الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة (حداش) والتي شغلت منصب رئيسة لجنة الطّفولة المبكرة في الكنيست ولجنة  الطفل.

لقد أثمرت جهود جميع الأطراف بعد سنوات من العمل المتواصل من أجل توسيع الأطر التّربويّة التي تعمل في المجتمع العربي. في نهاية المطاف، في سنة 1999 قررت الحكومة البدء في تطبيق قانون التعليم الإلزامي المجاني بشكل عمليّ.  تقرّر أن يتمّ تطبيق القانون بشكل تدريجي خلال عشر سنوات. أصدر وزير التّربية والتعليم والثقافة في حينه (يتسحاق ليفي) تعليماته بالبدء بتطبيق القانون بموجب سلم أولويات قوميّ، ونتيجة لذلك، لم يشمل تطبيق هذا القانون معظم الأطفال العرب، بينما بالمقابل شملت قائمة البلدات التي طبّق فيها القانون 136 مستوطنة في الأراضي المحتلة، الأمر الذي دفعنا إلى فتح جبهة جديدة ضدّ هذا القرار.       

قرار وزير التّربية والتعليم والضغوط التي مارستها عناصر مثل لجنة الطّفولة المبكرة في "شتيل" دفعت لجنة متابعة قضايا التعليم العربيّ إلى التوجّه إلى المحكمة العليا في هذا الموضوع طالبة إصدار تعليماتها بتبني معايير نزيهة لتطبيق القانون. اقترحت اللجنة أن يتمّ تطبيق القانون وفق السلم  الاجتماعي – الاقتصادي كمعيار نزيه وملائم.  وجدت هذه الادعاءات آذانا صاغية لدى وزير التّربية والتعليم الجديد، يوسي سريد، الذي تبنى موقفنا واقتراحنا. حيث غيّر المعايير من "سلم أولويات قوميّ" إلى معايير ذات شفافية بحسب السلم  الاجتماعي – الاقتصادي الذي ينشره مكتب الإحصاء المركزيّ.

لاحقا سنعرض عدة معطيات من تقارير نشرها المجلس الوطني لسلامة الطفل، مكتب الإحصاء التابع لوزارة التّربية والتعليم، السكرتارية التّربويّة وغيرها (2005; 2006; 2007; הכנסת, מרכז המחקר והמידע ، 2003; 2004; 2005; 2006; 2007أ; 2007ب; המזכירות הפדגוגית\ אגף החינוך לערבים،   2005; 2006; 2007; המינהל לכלכלה ותקציבים ، 2007; ריבלין-צור וזועבי ، 2005؛הלשכה המרכזית לסטטיסטיקה ، 2005; 2007).

السلم  الاجتماعي- الاقتصادي يقسّم المدن والقرى في إسرائيل إلى 10 درجات، حيث الدرجة 1 هي الأكثر انخفاضا (אבו-עסבה, 2007). الجدول 1 يعرض توزيع المجالس العربيّة واليهودية في السلم  الاجتماعي – الاقتصادي في سنة 1999 مع بدء تطبيق قانون التعليم الإلزامي المجاني.

الجدول 1: المجالس العربيّة واليهودية في السلم  الاجتماعي – الاقتصادي في سنة 1999 مع بدء تطبيق قانون التعليم الإلزامي المجاني:

السلم  الاجتماعي- الاقتصادي

العدد الإجمالي للبلدات (قرى ومدن)

منها عربية

منها يهودية

1

10

9

1

2

37

32

5

3

31

22

9

4

30

13

17

5

31

3

28

6

17

1

16

7

19

0

19

8

25

0

25

9

9

0

9

10

3

0

3

 

بناء على الجدول 1 يظهر أنّ معظم المدن والقرى العربيّة موجودة في الدرجات المنخفضة 1 – 4.  كما يظهر الجدول أنّ 41 مدينة وقرية عربية موجودة في الدرجتين الأولى والثانية مما يشير إلى مستوى اجتماعي – اقتصادي منخفض جدًّا. 

سريان مفعول القانون من سنة 1999 فصاعدا

من سنة 1999 فصاعدا تضاعف، بفضل القانون، عدد الأطفال في الروضات غير الإلزامية. حقّقنا نجاحا في سنّ قانون التعليم الإلزامي في سنة 1999 ونجحنا في التأثير على وزارة التّربية والتعليم في تبنّي معايير موضوعية لتطبيق القانون، وكنتيجة لذلك طُبّق القانون في القرى والمدن من الدرجتين الأكثر انخفاضًا وفق التدريج الاجتماعي – الاقتصادي (معظم البلدات فيهما هي مدن وقرى عربية). على الرغم من ذلك وجدنا أنّ تطبيق القانون يعاني، على مرّ السنين، من تقليص في الميزانيات بالإضافة إلى عدم الوفاء بكثير من الوعود، الأمر الذي اعاق  تطبيق وزارة التّربية والتعليم للقانون. هناك فرضية خاطئة نجدها تتكرّر في تقارير كثيرة، والتي بناء عليها الطلب على الروضات غير الإلزامية وعلى الحضانات في  المجتمع الفلسطيني في إسرائيل هو منخفض. لقد فحص أمين فارس من مركز "مساواة" تأثير تطبيق القانون على نسبة الأطفال في الروضات غير الإلزامية في المجتمع العربيّ، فوجد أنّ عدد الأطفال في الروضات غير الإلزامية قد تضاعف نتيجة لتطبيق القانون ((Espanioly, 2006. في الرسم التخطيطي 1 يمكننا أنّ نلاحظ تأثير تطبيق القانون على الروضات العربيّة.

الرسم التخطيطي 1: نسبة الأطفال في الأطر التّربويّة المعدة لأبناء 3 سنوات

 

 

 

 

 

 

بناء على الرسم التخطيطي 1 يتبيّن أنّه يوجد تأثير إيجابيّ لتطبيق القانون يظهر في ارتفاع عدد الأطفال في الروضات.  نسبة المتعلمين  في الروضات غير الإلزامية في العنقودين 1 – 2 ارتفعت بنسبة %105.1 نتيجة لتطبيق القانون. في حين أنّ نسبة الارتفاع كانت %35 فقط في العناقيد 3 – 6 التي لم يطبق فيها القانون بعد.

كما تبيّن من هذا التقرير الفرق بين نسبة الأطفال العرب في أطر الطّفولة المبكرة وبين نسبتهم في مجمل المواطنين. هذا الفرق يظهر في الرسم التخطيطي 2.

الرسم التخطيطي 2: نسبة الأطفال العرب في الأطر التّربويّة في الطّفولة المبكرة مقارنة مع نسبتهم بين عامة المواطنين[1]

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

يبيّن الرسم التخطيطي 2 بشكل واضح أنّ نسبة الأطفال العرب في البلاد تصل حوالي 29% من مجمل الأطفال إلّا أنّ نسبتهم في الأطر التّربويّة منخفضة كثيرًا عن نسبتهم في عامة المواطنين.

بادر مركز الطّفولة بالتعاون مع لجنة متابعة قضايا التعليم في سنة 2003 إلى إجراء استطلاع شامل حول أوضاع الطّفولة  المبكرة. أشرفت على الاستطلاع د. هالة إسبانيولي (Espanioly, 2004).  أظهر الاستطلاع أنّه ما زالت هناك حاجة ملحّة لمطالبة الحكومة بالقيام بمتابعة تطبيق القانون. هذه الحاجة أصبحت أكثر إلحاحًا في السنوات اللاحقة، ولذلك أخذ ائتلاف  "مشاركة" (جسم يجمع عددا من جمعيات تطوير التّربية  في الطّفولة المبكرة في المجتمع الفلسطيني في إسرائيل) على عاتقه البدء بطرح المطالب في هذا المجال وحل مشكلات أخرى ذات صلة بالطّفولة  المبكرة.

على ضوء هذه المعطيات نرى أنّ التمويل الحكومي الممنوح لروضات السلطات المحلّيّة العربيّة والمخصّصة لأبناء 3 وَ 4 سنوات يجب أنّ يزداد. عندما يتحوّل الإطار الرسمي للأطفال في هاتين السنَّتيْن ليصبح إلزاميًّا ومجانيًّا، سترتفع نسبة الأطفال العرب بشكل كبير وستقترب نسبتهم من نسبتهم العامة في المجموعة العمرية.  وبالفعل، وبناء على قرار الحكومة من يوم 8/ 1/ 2012 تمّ البدء بتطبيق القانون بشكل كامل بهدف إتمام تطبيقه حتّى سنة 2015.  ونحن نأمل أن نصل حقًّا في سنة 2015 إلى وضع يستمتع فيه جميع الأطفال من تطبيق القانون، وذلك على ضوء قرار الحكومة أعلاه والبدء بالتطبيق الفعليّ للقانون في السنة الدراسية 2012/2013.   

في "مركز الطّفولة" وبالتعاون مع "مشاركة" يواصلون متابعة تطبيق القانون من أجل ضمان تطبيقه بشكل كامل.

الوضع الحالي للتربية والتعليم في الطّفولة المبكرة في المجتمع الفلسطيني في إسرائيل، 2012 - 2013

 العمل في مجال الطّفولة المبكرة ينقسم من ناحية القانون إلى مجموعتين: أطر العناية بالأطفال من سنّ الولادة حتّى سنّ ثلاث سنوات وهي تحت مسئولية وزارة الاقتصاد ووزارة الصحّة، وأطر  تربوية للأطفال من سنّ 3 – 5 سنوات، وهي تحت مسئولية وزارة التّربية والتعليم. لكن، العناية ببالطّفولة المبكرة ورعايتها لا تقع تحت مسئولية هذه الوزارات الثلاث فقط. إذ تشترك معها وزارة الإسكان، التي قرّرت، على سبيل المثال: أنّ على كلّ 1000 وحدة سكنية يجب بناء حضانة واحدة وروضة غير إلزامية واحدة. كما تشترك في هذا الموضوع وزارة المواصلات ووزارات أخرى.     

التوتّر بين الوزارات من المحتمل أن يعيق الدعم الحكومي للتربية والتعليم في الطّفولة ّ المبكّرة. لأسباب تاريخية، أطر الطّفولة المبكرة الخاصّة بالأطفال من سنّ الولادة وحتّى سنّ 3 سنوات تابعة لوزارة الصناعة والتجارة والتشغيل أو باسمها الحالي وزارة الاقتصاد. هذه الوزارة هي المسئولة عن الخدمات التي تقدَّم للأطفال في هذه المرحلة من حياتهم. وذلك بسبب المفهوم التاريخي الذي يربط بين هذه الأطر وبين عمل الأمهات. لا أحد ينكر أهمّيّة وجود حضانات تدعم خروج النساء إلى العمل. لكن الحضانة نفسها والعناية التي تُقدَّم فيها يجب أن تبنى على أسس تربوية علمية. يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار حاجات الأطفال ومميزات تطوّرهم ونموّهم والنظر إلى دور الحضانة في تنمية الطفل/ة ورعايته/ ا نظرة شموليّة تكامليّة.

تعمل في البلاد تحت إشراف وزارة الاقتصاد 1,612 حضانة معترف بها[2], من بينها 55 حضانة معترف بها تخدم الأطفال العرب، أي 3.41% فقط من مجمل الحضانات في البلاد. تقدّم هذه الخدمة لحوالي 2,750 طفلا عربيا، أي لـ 2.62% من عدد الأطفال العرب في السنّ ما بين 0 وَ 3 سنوات، في الوقت الذي تبلغ نسبتهم العامة 25% من مجمل الأطفال في هذه المجموعة العمرية، أي أنّ عددهم هو  105,000 طفل (عدد الأطفال في هذه السنّ في الدولة كلّها يصل إلى 420,000). من هنا نسبة الأطفال اليهود الذين تتراوح أعمارهم ما بين 0 وَ 3 سنوات الموجودين في أطر معترف بها بإشراف حكومي أكبر بكثير من نسبتهم في المجتمع العربيّ.  

مجموع الحضانات المعترف بها العاملة في المجتمع العربيّ لا يتجاوز الـ 55 في جميع مناطق البلاد، ومعظمها موجود في الشمال على ما يبدو لأنّ معظم النساء العاملات يسكنّ في الشمال. إذا قسّمنا الحضانات بحسب الجهة التي تفعّلها يتبيّن لنا أنّ عددا قليلا من الحضانات تفعّلها المؤسسات الحكومية والأجسام المتّصلة بالحكومة. حتّى في نقابات عمّال مختارة مثل نعمات هذه النقابات التي من المفروض أن تمثّل ناخبيها بدون تمييز وجدنا تمييزا واضحا. من بين الـ 240 حضانة التي تفعّلها نعمات في إسرائيل 5 حضانات فقط عربية، أي 2.08% من مجمل الحضانات التابعة لنعمات. من الجدير بالذكر أنّ هذا العدد في حالة تراجع. في بحث أجريته في سنة 2007 كان عدد الروضات غير الإلزامية العربيّة التي تفعلها نعمات في المجتمع العربيّ هو 14 من مجمل 247 حضانة نهارية (Espanioly, 2006).

في الجدول 2 نعرض توزيع الحضانات في البلاد.

الجدول 2: توزيع الحضانات بحسب الجهة التي تفعّلها:

الجهة المفعّلة

العدد الإجمالي في البحث السابق من سنة 2008

العدد الإجمالي بناء على المعطيات من سنة 2011

جمعيات مختلفة

24

40

نعمات

14

6

مؤسسة دينية

1

1

شركة المراكز الجماهيرية

3

4

السلطة المحلّيّة

4

5

المجموع الكلي

46

55

 

بناء على الجدول 2 حصل ارتفاع في عدد الحضانات في السنوات ما بين 2008 وَ 2010. هذا الارتفاع مستمر حاليًّا أيضًا. في سنة 2003 كانت هناك 36 حضانة من بين 1,650 حضانة معترف بها. يظهر الجدول ارتفاعا في عدد الحضانات التي تفعّلها الجمعيات، حيث تصل نسبة هذه الحضانات 74.07% من مجمل الحضانات. هذه الظاهرة هي ظاهرة إيجابيّة لأنّها تعكس اهتمامًا متزايدًا بالسنّ المبكرة. صحيح أنّ لهذه الظاهرة جوانب سلبية أيضًا، إذ أنّ الكثير من هذه الحضانات ما هي إلّا ستار يختبئ وراءه رجال أعمال يطمحون في تحقيق أرباح مادّيّة. لقد تسجلت هذه الحضانات كجمعيات لا تستهدف الربح من أجل الحصول على اعتراف وزارة الاقتصاد بها، التي تعترف فقط بجمعيات مسجّلة أو بمؤسسات تابعة للسلطة المحلّيّة.

 عدم وجود أجسام تربوية رسمية وغير رسمية كافية دفع عددا من رجال الأعمال لينظروا إلى الحضانة على أنّها خدمة مدرّة للأرباح. لذلك أقاموا جمعيات وهمية من أجل الحصول على رخصة، الأمر الذي أثّر على الحضانات وخلق إشكاليات كثيرة تتعلق بطبيعة العمل في هذه الأطر وبالذات بسبب انعدام وجود إرشاد مهني كافٍ. علاوة على ذلك، خلقت قلة المؤسسات المعترف بها ثغرة استغلتها عناصر مختلفة من أجل تحقيق الأرباح. التركيز هنا على قلة المؤسسات المعترف بها. بناء على مكتب الإحصاء المركزي (2005)، في سنة 2004 عملت 106 حضانات غير معترف بها. كثير من الحضانات الخصوصية لا تتوفّر فيها الحد الأدنى من متطلبات الطفل في الطّفولة  المبكّرة. فهم لا يحرصون على الحد الأعلى لعدد الأطفال في المجموعة كما لا يحافظون على ظروف بيئيّة وتربوية لائقة.  نتيجة لذلك فبدلا من أن يتطور الطفل يتوقف تطوّره. 

نعرض فيما يلي جدولا فيه معطيات بالنسبة إلى توزيع الحضانات بحسب المناطق.

الجدول 3: توزيع الحضانات بحسب المناطق

 

حضانات عربية

حضانات يهودية

المجموع الكلي

لواء حيفا

48

449

497

لواء تل أبيب

4

525

529

لواء القدس

0

353

353

لواء بئر السبع

3

230

233

المجموع

55

1557

1612

 

3.42%

96.58%

100%

 

يظهر الجدول 3 أنّ 85.71% من الحضانات المعترف بها موجودة في لواء الشمال. كما سبق وذكرنا النسبة في جميع المناطق الأخرى منخفضة بالمقارنة مع نسبة المواطنين العرب في نفس المنطقة الجغرافية. 3.42% فقط من مجمل الحضانات هي حضانات عربية. على ضوء الحاجة الكبيرة في المجتمع العربيّ للخدمات التّربويّة الملائمة لرعاية الطفل ولخدمات داعمة تمكّن النساء من الخروج للعمل يمكننا الجزم بأنّ الزيادة في العدد لا يتلاءم مع الحاجة في الحقل. من المعروف أنّ عدم وجود عدد كافٍ من الحضانات يعتبر إحدى العقبات الأساسيّة التي تحول دون خروج المرأة إلى العمل. الوزارة المسئولة عن فتح وترخيص الحضانات هي نفس الوزارة المسئولة عن تشغيل النساء. وعليه كنّا نفترض أنّ تكون المعطيات الموجودة تحت تصرّف الوزارة حافزا لفتح حضانات بحسب الحاجة في الحقل. ومع ذلك، فتح حضانات مرخّصة تلزم بتخصيص ميزانيات أكبر لدعم النساء العاملات وأطفالهنّ، لأنّ كلّ امرأة عاملة يمكنها أن تحصل على دعم لتغطية تكاليف الحضانة عندما يكون معترفا بها. وعليه، فإنّ عدم الاعتراف بالحضانات يمكن أنّ يعتبر تعبيرا إضافيًّا عن تمييز النساء العربيات وأطفالهنّ.

من معرفتي بالحقل، معظم الحضانات التي تعمل في المجتمع العربيّ غير معترف بها، وذلك لأسباب مختلفة، بعضها موضوعيّ وبعضها غير موضوعيّ. لكن الوضع القائم يوفّر للوزارة أسبابا مختلفة لعدم الاعتراف بتلك الحضانات. من بين هذه الأسباب ما يلي:

1.    معظم الحضانات لم تُبن كحضانات. هذه الحقيقة تمكن الوزارة من عدم الاعتراف بها لأنّه لا تتوفّر فيها الشروط المناسبة من ناحية المبنى. (على سبيل المثال: الحضانة هي مبنى من طابقين ولا يوجد مخرج من الطابق الثاني إلى الساحة؛ المبنى لا يتلاءم مع متطلبات الوزارة). من الجدير بالذكر في هذا السياق، أنّه في المجتمع  اليهوديّ لا نرى حرصا على تنفيذ هذه الشروط بهذه الدرجة. ففي حين تستطيع المفتشة، في المجتمع  اليهوديّ، تفعيل وجهة نظرها المهنية يُطلب، في كثير من المرات، منها التقيُّد بالشروط بحذافيرها نصًّا وروحًا عندما يتعلق الامر في حضانة بالمجتمع العربي.

2.    الشروط التي تضعها الوزارة لا تأخذ بعين الاعتبار، إلى حدّ كبير، الظروف السائدة في المجتمع العربيّ، وبشكل خاصّ على ضوء مصادرة الأراضي وقلّة الأراضي المخصصة للبناء وقلة المساحات المخصصة للمباني العامة في الخرائط الهيكلية والمخصصة لإقامة مبانٍ وأطر تربوية.

3.   في المجتمع  العربيّ لا توجد مشاريع  إسكان كبيرة (أكثر من 1000 وحدة سكنية) والتي تلزم وزارة الإسكان ببناء حضانة وروضة غير إلزامية وتخصيص مساحات خضراء مناسبة.

4.   الكثير من الحضانات في المجتمع العربيّ موجودة في مبان سكنية (أي أنّ الطابق الأرضي يخدم الحضانة والطابق العلوي للسكن) وهذا هو سبب إضافيّ لعدم الاعتراف. من الجدير بالذكر أنّه في السنتين الأخيرتين نلاحظ حصول تغيير لدى الوزارة يتمثّل بزيادة عدد الحضانات المعترف بها.

كما نلاحظ اهتماما من جهة السلطات المحلّيّة التي تقدّم طلبات للحصول على ميزانيات لبناء حضانات أو ترميمها.  في سنة 2010 قدّمت 33 سلطة محلّيّة طلبات لبناء حضانات حصلت 13 سلطة على مصادقة مبدئية.

قضية أخرى يجدر مناقشتها، هي موضوع الحضانات العائلية (حضانات للأطفال حتى سنّ سنتين تديرها الحاضنة في بيتها) حول هذا الموضوع سأتحدث في البند التالي.

 

الحضانات البيتية

الحضانات البيتية هي أطر تربوية للأطفال في السنّ المبكرة. وهي مخصّصة للأمهات العاملات ولأطفال العائلات التي يرعاها مكتب الشؤون الاجتماعيّة. تستطيع كلّ حضانة بيتية أنّ تستوعب 5 أطفال: ثلاثة منهم أبناء لأمهات يرعاهنّ مكتب الشؤون الاجتماعيّة والاثنان الآخران هما ابنان لأمهات عاملات.       

في تحليل[3] أجريته حول الحضانات البيتية وانتشارها في المجتمع اليهوديّ والعربي وجدت المعطيات التالية المعروضة في الجدول 4:

الجدول 4: انتشار الحضانات البيتية

 

الحضانات البيتية في البلدات العربية

الحضانات البيتية في البلدات اليهوديّة

المجموع الإجمالي للبلدات التي فيها حضانات بيتية

بالأعداد

130

89

219

بالنسبة المئوية

59.36%

40.64%

100%

 

يظهر الجدول 4 بأنّ عدد البلدات في المجتمع العربيّ التي توجد فيها حضانات بيتيّة أكبر من عددها في المجتمع اليهوديّ. معظم الحضانات البيتية تعمل في المجتمع العربيّ في حين أنّ معظم الحضانات المُمأسسة (نعمات، فيتسو، آمونا) تعمل في المجتمع اليهوديّ. كيف يمكننا تفسير هذه الظاهرة؟ 

تعتبر الخدمات التي تقدّمها الحضانات البيتية أقلّ مستوى، من الناحية المهنية، من الخدمات التي تقدمها الحضانات الممأسسة. كما أنّ تكاليف صيانة الحضانات البيتية منخفضة جدًّا. من المحتمل أنّ هذا هو سبب وجود عدد أكبر من الحضانات البيتية في المجتمع العربيّ. من المحتمل أنّ السبب متعلق بالميزانيات: الحضانات تحتاج إلى مبانٍ آمنة مع معدّات خاصة وتكاليف إنشائها عالية. كما من المحتمل أنّ الحاجة إلى أيدي عاملة مثل تعيين مفتشات تربويات من طرف الوزارة ينطوي على تخصيص ميزانيات إضافيّة.

على الرغم من أنّنا نعتقد بأنّ الحضانات البيتية،  في قسم من البلدات، وبالذات تلك التي لا يوجد فيها عدد كبير من الأطفال، هي الحلّ الأفضل، وعلى الرغم من أنّنا ندعم إيجاد حلول محلّيّة – جماهيرية للعناية بالأطفال ورعايتهم إلّا أنّه من المهمّ أن نأخذ بعين الاعتبار معايير نوعية للعناية بأطفال الطّفولة المبكرة ورعايتهم.     

فيما يتعلق بالنموذج القائم عندنا حاليًّا وبطرق تطبيقه، تثار في كثير من الأحيان عدة تساؤلات حول جودة الخدمات المقدّمة للأطفال في هذه المرحلة المهمّة من حياتهم، وليس فقط بالنسبة إلى مجرد وجود هذه الحضانات. من الجدير بالذكر أنّ معظم الحضانات البيتية اليهوديّة تعمل في الريف (بعيدا عن المركز) الذي يعاني هو الآخر من التمييز الطبقيّ. 

القسم الثاني: تحدّيات في تربية الطّفولة المبكرة في المجتمع العربيّ

صحيح أنّ تغييرات كثيرة حدثت في المجتمع العربيّ إلّا أنّه ما زالت أمامنا، ونحن في سنة 2014، عدة تحديات لتحسين التّربية والتعليم في الطّفولة ّ المبكّرة. بتاريخ 8/ 1/ 2012 قررت الحكومة البدء بتطبيق قانون التعليم الإلزامي المجاني من سنّ 3 سنوات. في أعقاب الاستطلاع الشامل ومتابعة تطبيق قانون التعليم الإلزامي المجاني منذ قرار الحكومة في سنة 1999 بتطبيقه بشكل تدريجيّ، أشير إلى عشرة تحدّيات من المهمّ الانتباه إليها مع بداية تطبيق القانون من أجل تحسين وتطوير التّربية والتعليم للأطفال في مرحلة الطّفولة المبكرة في المجتمع الفلسطيني في إسرائيل.    

التحدّي رقم 1:  التوحيد أو الدمج بين الوزارات المختلفة

مفهوم الطّفولة المبكرة في البلاد مبنيّ على وجهة نظر تطوّرية تمثّلت في أطر تربوية (تعليمية) رسمية/ حكومية. لم تتطوّر مع مرور الوقت استراتيجيات توسّع هذا المفهوم كي يصبح شاملا وتكامليا، يشمل جميع مجالات تطوّر الطفل ويطمح في وجود تكامل  بين جميع المركّبات التي تؤثّر على عمليّة التطوّر في الطّفولة  المبكرة. لا يبدأ تطوّر الطفل مع التحاقه بالإطار الرسمي. إنّما يبدأ عندما يكون جنينا في رحم أمّه وحتّى قبل ذلك (أصبح معروفا الآن، على سبيل المثال، أهمّيّة إعداد المرأة للحمل جسديا وعقليا وعاطفيا ونفسيا، بالإضافة إلى إجراء فحوص جينية ملائمة لكلّ من الزوجين).

الطريقة الشمولية والتكاملية تدعم إعادة فحص المبنى المؤسساتي الحالي للعناية بالطّفولة المبكرة ورعايتها. حاليًّا ، تتوزّع المسئولية عن هذا المجال على وزارات مختلفة بدون تنسيق بينها. وزارة الصحة تعتني بالمشاكل الصحية قبل الولادة وبعدها، وتعتني وزارة الاقتصاد بالأطر التّربويّة للطفولة ّ المبكرة، وليس من جهة العناية بالطفل ورعايته بل من جهة دعم الأمهات وتمكينهنّ من الخروج للعمل. على الرغم من التغيير الذي طرأ في السنوات الأخيرة ومحاولة تناول المجال بجوانبه  المختلفة  إلّا أنّ التركيز ما زال أحادي (أي يتعامل بكل جانب على حدة).

من المحتمل أنّ تقود إعادة فحص الموضوع إلى إنشاء وزارة واحدة تعتني بالطّفولة المبكرة أو إلى إنشاء أقسام مختلفة في الوزارات تنسق العمل فيما بينها. وإذا تعذّر ذلك، فمن المنطق إقامة قسم تكون وظيفته التنسيق بين الوزارات المختلفة والمؤسسات الجماهيرية والمدنية والمهنيين/ات المتخصصين/ات من أجل تحديد الحاجات في هذا المجال وتطوير الموارد الملائمة له.

التحدّي رقم 2: إنشاء البنى التحتية

من بين المشاكل الملتهبة التي ما زالت على جدول أعمال المسؤولين/ات عن الطّفولة المبكرة في البلدات العربيّة تجدر الإشارة إلى مشكلة انعدام المباني الملائمة، مشكلة الميزانيات ومشكلة الاكتظاظ في الصفوف. في الاستطلاع الشامل الذي أجري في سنة 2003 (إسبانيولي، 2003) اتّضح بأنّ تطبيق القانون لم يحلّ أزمة المباني، الساحات والميزانيات والتي لقيت مشاكل رئيسية. بناء على المعايير الرسمية التي حدّدتها وزارة التّربية والتعليم المساحة الداخليّة للروضة غير الإلزامية يجب أنّ تكون 125 مترا مربعا على الأقلّ.  وعندما نضمّ إليها الساحة الخارجيّة فإنّ الروضة غير الإلزامية تحتاج إلى 500 متر مربّع. الواقع الذي تبين في البحث بعيد جدًّا عن هذا الطلب. مشكلة المباني والمساحة للروضات غير الإلزامية ما زالت تعتبر تحدّيًا كبيرًا. المساحة المخصصة للطفل الواحد لا تتطابق مع المعايير المطلوبة. هذا الموضوع ملحّ في النقب، بشكل خاصّ، فتبرز بشكل حادّ مشكلة المساحة، بالإضافة إلى النقص الشديد في المعدّات. هذا كلّه ناجم عن حقيقة كون الحكومة لم تتبنَ خطة شاملة لتطوير بنى تحتية للسنّ المبكّرة في المجتمع العربيّ. 

كما تبيّن في حينه بأنّ معدل الأطفال في 22% من الروضات زاد عن 35 طفلا (ن.م.). إذا قارنّا هذا العدد مع عدد الروضات غير الإلزامية، نجد أنّ الاكتظاظ كبير جدًّا وبأنّ المساحة المخصّصة للطفل الواحد لا يتطابق مع المعايير المطلوبة. هذا الموضوع مُلحّ أيضًا في النقب بشكل خاصّ (ن.م.).

من أجل مواجهة مشكلة البنى التحتية يجب بلورة خطة عمل لمعالجة الوضع. من المهمّ أن تشمل هذه الخطّة البلدات المعترف بها والبلدات غير المعترف بها، الأطفال في أطر التعليم الخاصّ والأطفال العرب في المدن المختلطة. من اللائق أن يشترك في بلورة هذه الخطة وتطبيقها جميع الوزارات التي لها صلة بالموضوع وممثلو الجمهور العربيّ. كذلك، من المهمّ العمل من أجل إقامة مبان جديدة أو ترميم مبانٍ قائمة وملاءمتها للتخطيط الرسمي لمباني الروضات غير الإلزامية التي وافقت عليه الوزارة (التّربية والتعليم)، بحيث تكون المساحة الإجمالية للروضة نصف دونم. بشكل مبدئيّ من المهمّ زيادة الميزانيات المخصصة للفعاليات المختلفة.    يجب العمل من أجل توزيع الميزانيات بحسب معايير واضحة بحسب نسبة الأطفال في البلدة ومن منطلق مراعاة ضرورة العمل على جسر الهوّة التي تعمّقت طوال سنوات كثيرة (Human Rights Watch, 2001; Hynder, 2009).

التحدّي رقم 3: تأهيل طاقم مهنيّ من مربيات الرياض

مستوى تأهيل مربيات الرياض مُرضٍ بشكل عامّ إذ أنّ نسبة المربيات غير المؤهّلات منخفضة جدًّا. ومع ذلك، ما زالت هناك نسبة منخفضة من المربيات غير المؤهّلات تعمل في الحقل في المناطق التي يطبّق فيها القانون، وبالذات في الروضات غير الإلزامية في النقب. شملت أطر تأهيل مربيات الرياض في الماضي (1992) صفًّا واحدا فقط في الكلية الأكّاديميّة العربيّة للتربية في حيفا، أمّا اليوم فهناك العديد من الأطر: بالإضافة إلى الكلية الأكّاديميّة العربيّة للتربية في حيفا هناك المؤسسات التالية: أكاديميّة القاسمي، كليّة سخنين، كليّة غوردون، كليّة أورانيم، كليّة بيت بيرل، كليّة سمينار هكيبوتسيم، كليّة دفيد يلين، كليّة أحفا، كليّة كي، وكليّة ليفينسكي للتربية. كما فتحت في معظم الجامعات مجالات تخصّص تتعلق بالطّفولة  المبكّرة.

التحدي الماثل أمامنا في هذا الجانب هو تحسين جودة التأهيل في الكليات المختلفة من خلال فحص دقيق وتطوير إستراتيجيات ملائمة لرفع الجودة في تلك الكليات. هناك أهمّيّة لتوسيع المعرفة الموفرة في مجال الطّفولة المبكرة والثقافة العربيّة.

التحدّي رقم 4: الإرشاد والاستكمال

يطرح العمل مع الأطفال تحديات كبيرة، كما تكمن فيه إمكانيّات تعلّم كثيرة. من المعروف أنّ الإرشاد هو إحدى الوسائل الأكثر أهمّيّة لمواصلة التعلّم في الحقل. هذه الحقيقة تضع تحديات كثيرة في مجال الميزانيات وفي المجال المجتمعي المحلّيّ. من المهمّ طرح هذا الموضوع للمناقشة. على الرغم من وجود إرشاد في جميع الروضات غير الإلزاميّة إلّا أنّ عدد أيّام الإرشاد المخصّصة لكلّ بلدة غير كافٍ وهناك حاجة إلى زيادة أيّام الإرشاد المخصصة لكلّ سلطة محلّيّة. هذا، مع الأخذ بعين الاعتبار كون المفتشة العربيّة مسؤولة عن أكثر من 100 روضة بالمتوسط. في حين أنّ المفتشة اليهوديّة مسؤولة عن 60 – 80 روضة فقط. إذا أخذنا بعين الاعتبار أيّام العمل الفعليّة في المكتب فإنّ المفتشة تستطيع أن تزور المربية  مرة واحدة في السنة، في أحسن الحالات. من غير المستبعد أن يؤثّر هذا على جودة الإرشاد ومهنيته، إذ أنّ المفتشة في سباق مع الوقت لتتمكن من الاستجابة لحاجات الحقل.

وعليه، من المهمّ زيادة الملاك الرسمي لوزارة التّربية والتعليم.  من المهم  زيادة عدد الوظائف في هذا المجال وزيادة أيّام الإرشاد والتفتيش أيضًا.  نحن  نطمح إلى يوم إرشاد واحد لكلّ 25 صفًّا ومفتشة لكلّ 60-80  صفّ. كما نقترح التعاون مع مؤسسات مهنية يمكن أن تقدّم الإرشاد الملائم للمربيات وتفريغ المفتشات للمتابعة والتفتيش العام. التحدّي الأساسيّ هو تطوير مسار تأهيل مهني واضح ومؤشّرات للجودة تأخذ دورها في التطوير المهني للمربيات في الحقل. (إسبانيولي واخرون ، 2007).

الموضوع الأكثر أهمّيّة هو توجّه الإرشاد في الحقل. في السنوات الأخيرة أضيفت ملاكات إرشاد بحسب المواضيع الرئيسة التي تطوّرت في الجهاز. الأمر يثقل كاهل المربية  وهو منافٍ للتوجه الشمولي الذي يتعلم الطفل ويتطور بموجبه.

التحدّي رقم 5: إقامة طواقم داعمة

في الروضات غير الإلزاميّة يوجد نقص في الطواقم الداعمة (مثل: مستشارين، علماء نفس، ومقدّمي دعم مهني في المجالات المختلفة). بالمقابل، الرضا من هذه الطواقم في الحقل ما زال ضئيلا نسبيًّا. مساهمة الطواقم الداعمة مهمّة جدًّا للتطوّر المهني للمربيات، لدعمهن أثناء عملهن، لإثراء عملهنّ ومساعدتهنّ على هضم التجديدات وتذويتها. نجحنا في "مشاركة" في تقديم منح لـ 26 طالبة  للماجستير (M.A.) في موضوع التّربية للطفولة ّ المبكّرة. كما أنهت 19 مرشدة مهنية دورة في "مشاركة"  هي الأولى من نوعها للإرشاد في المجتمع العربيّ، حظيت باعتراف وزارة التّربية والتعليم. إلى جانب الاهتمام المتزايد في توسيع التخصصات المهنية، هناك إمكانيّة لتطوير قوى عاملة إضافيّة داعمة للمربية  في عملها، مثل مرشدين تربويين، مستشارين تخصصوا في الطّفولة  المبكرة، علماء نفس ومتخصصين في مجالات دعم مختلفة.

التحدّي رقم 6: فحص التعليم  والتعلّم في المجتمع العربيّ كحالة خصوصية

تبذل في حقل الأبحاث جهود كثيرة لتطوير طرق تدريس وعمل لتحسين نجاعة التعلّم. في سنة 1995 تمّ تطوير برنامج إطار معدّ للسنّ المبكّرة. في طاقم التطوير لم تشترك أيّ ممثلة عن المجتمع العربيّ، إلّا أنّ البرنامج ترجم إلى اللغة العربيّة ونشر في سنة 1998. كما ترجمت برامج نواة إضافيّة على سبيل المثال  في مجال الحركي. من الجدير بالإشارة أنّ برامج النواة هذه استعملت في الحقل كمناهج تعليم بدلا من أن تكون أداة متابعة لتطوّر الطفل وللتعرف على الأطفال والتحديات التي تمثل أمامهم. في رأينا، هناك حاجة مستعجلة لإجراء أبحاث تدرس مدى ملاءمة البرامج للأطفال في المجتمع العربيّ. في السنتين الأخيرتين كُتبت خطوط موجّهة للعمل مع الأطفال. كُتبت هذه باللغة العبريّة وتُرجمت إلى اللغة العربيّة. ولكن لم يتمّ حتّى الآن تطوير البنية التحتية المهنية والتنظيمية التي تمكّن من العمل بموجب هذه الخطوط الموجّهة الشاملة.

من المهمّ جدًّا مواصلة تطوير موارد تربوية عربية نوعيّة تستند إلى المعرفة التي تراكمت حتّى الآن في مجال الطّفولة ّ المبكرة. المقصود هو تطوير موارد فلسطينية أصلية وعلمية بطريقة شمولية وتكاملية. وذلك من منطلق الطموح لتعزيز هويّة الطفل الفلسطيني، وانتمائه الإنسانيّ ومهارات تفكيره الناقد وضمان حقوقه.   

التحدّي رقم 7:  تحدي الخصخصة

الخصخصة تعني نقل معظم الخدمات الاجتماعيّة التي قدّمتها "دولة الرفاه" إلى أيدي خصوصية. في السنوات الأخيرة نلاحظ توجّها حكوميا رسميا نحو توسيع الخصخصة في جميع مجالات الحياة وفي جميع فروع الجهاز الاقتصادي. أحد مخاطر الخصخصة في المجتمعات الفقيرة بشكل عام وفي المجتمع الفلسطيني في البلاد بشكل خاصّ يتصل بالنقص في البنية التحتية.  في مثل هذه الحالة من المحتمل أنّ تسيء الخصخصة الظروف الصعبة، بطبيعة الحال في الأطر التّربويّة للطفولة  المبكرة، وأن توسّع الفجوة القائمة بين المجتمع الفلسطيني في إسرائيل وبين المجتمع اليهوديّ.

تطلب الحكومة من كلّ جسم يتقدّم إلى مناقصة الخصخصة أن يكون جمعية (لا تستهدف الربح) مسجّلة. لذلك قام كثيرون من رجال الأعمال بتسجيل جمعيات وهميّة (ربحيّة)على أسمائهم من أجل الحصول على الدعم الحكوميّ. بشكل عام يقوم هؤلاء بتقديم خدمات بجودة متدنية في الأطر التابعة لهم. لذلك، من المهمّ تحديد معايير نوعيّة حول ما يجب على المؤسسات التّربويّة تقديمه للأطفال في السنّ المبكرة، لكي يكون بالإمكان التمييز بشكل موضوعي بين مبادرات تربوية خصوصية نوعية (جمعيات أقيمت من أجل أن تطوير الخدمات التي تقدَّم  لأطفالنا) وبين عناصر انتهازية (نفعية) همّها الوحيد الحصول على الربح على حساب أطفالنا (إسبانيولي، 2008).

التحدّي رقم 8: تحديات تتعلّق بالسياسة على المستوى المحلّيّ

تعتبر السلطة المحلّيّة شريكة في تطبيق قانون التعليم الإلزامي المجّانيّ. على الرغم من التغييرات التي طرأت على هذا المجال وتزايد اهتمام السلطات المحلّيّة العربيّة بالطّفولة المبكرة إلّا أنّ الكثير من المجالات المتعلقة بمسئوليات السلطات المحلّيّة العربيّة تحتاج إلى تحسين: (1) تحمّل المسؤولية الكاملة عن تطوير الأطر للطفولة المبكرة بشكل شمولي وعلى مستوى القرية أو المدينة؛ (2) تنسيق الجهود بين السلطات المحلّيّة وبين المؤسسات الأخرى التي تعمل في نطاقها، بحسب حاجات البلدة؛ (3) استغلال الميزانيات التي تخصّصها الحكومة للطفولة المبكرة من أجل تطوير خدمات لهذه الشريحة.

نتائج الاستطلاع (إسبانيولي، 2003) ووجهات نظر أخرى (ריבלין-צור וזועבי, 2005) تكشف بأنّ السلطات المحلّيّة تهتم بتعيين مركّزين/ات للطفولة المبكرة في السلطة إلّا أنّ تأهيل هؤلاء المركزين/ات تحتاج إلى تحسين؛ إذ أنّ معظمهم ليسوا من مجال الطّفولة المبكرة أو من مجال التّربية عامة. تشير المعطيات إلى تعيين أشخاص لا صلة لهم بمجال الطّفولة  المبكرة، الأمر الذي يحتاج إلى فحص شامل ومعالجة. كما نجد أنّ بعض السلطات المحلّيّة تدعم الجمعيات الوهمية التي تطرقنا إليها آنفا، مع أنّ هذه السلطات تعلم علم اليقين ما هويّتها وما هي دوافع هذه الأطر التجاريّة الربحيّة. يجب توسيع التنسيق بين السلطات المحلّيّة العربيّة والجمعيات المهنية التي تعمل في المناطق المختلفة، من أجل تحقيق أكبر فائدة ممكنة من الموارد التي تُخصَّص في إطار تطبيق القانون.       

التحدّي رقم 9:  تغيير وجهة النظر الاجتماعيّة نحو الطفل في الطّفولة المبكرة

التّربية في الطّفولة المبكرة متصلة مباشرة بالتعليم الحدسي (intuitive) والمعرفة التي تنتقل من الأمّ إلى ابنتها ومن الأب إلى ابنه، معرفة يتمكّن منها كلّ أب وكلّ أمّ بشكل ممتاز بحكم كونهم والدَيْن. منظومة الأسرة  الممتدّة تعتبر عاملا داعما للأسرة الصغيرة (النواة). تنقل الأمّ تجاربها في مجال التّربية لبناتها أو لزوجات أبنائها. يشترك في تربية الأبناء بشكل فعّال الجدّ والجدّة، العمّ والعمّة والخال والخالة والأخوة والأخوات. من هذا المنطلق مسؤولية التّربية في الطّفولة المبكرة مشمولة ضمن مجالات مسؤوليّة العائلة.

موروثنا  الثقافي غنيّ جدًّا بالمعرفة والتجارب الإيجابية والسلبية. التحدي الأساسيّ في هذا المجال يكمن في إعادة الثقة بتراثنا وبالتكيّف من جديد معه حتّى نتمكّن من التطرق إلى مركّباتها بشكل ناقد. التحدي هو تبني طريقة تمزج بين الاصالة  والتحديث . في مركز الطّفولة تبنّينا الفكرة التي تنادي بالدمج بين الاصالة والتحديت ، ليس من أجل ترسيخ الموجود بل من أجل إنتاج معرفة جديدة. وذلك لأنّ التطرق الناقد للتراث هو تجربة متينة تعيد لنا ثقتنا بأنفسنا والإيمان بجذورنا، وإلى جانب ذلك تمكننا من خلق معرفة جديدة. سرنا على هذا النهج عن وعي بأنّ الاستعمار الثقافي وتذويت الاضطهاد وسيكولوجية الانسان المقهور  لعبت دورا في زيادة إنكار "الخبراء" لثقافتهم وفي التبني "الأعمى" لكلّ ما يأتي من الخارج تقريبًا. 

اعتقدنا بأنّه يجب التحرر من هذا المفهوم وتبنّي طريقة تقدّمية. الطريقة التّربويّة الناقدة المحرّرة هي التوجّه الذي تبلور في السنوات الأخيرة، وهي نفسها التي تعيد الثقة بالمعرفة التي في الموروث بطريقة يمكننا من التطرق إلى مركباته بشكل ناقد. لهذا التوجّه دور في إعادة الثقة بقدراتنا وهو الذي يقودنا إلى التطرق الناقد ليس فقط للمعرفة التي رضعناها من موروثنا  بل للمعرفة  التّربويّة العالميّة لأنّ المعرفة  ليست مقصورة على مجموعة إنسانية واحدة. لهذا، من المهمّ أنّ نتعرّف على المعرفة التي توصّلت إليها الإنسانيّة والتطرق إليها بشكل ناقد أيضًا. اللقاء الناقد بين المعرفة من الموروث والمعرفة العالميّة يؤدي إلى خلق معرفة جديدة يمكن أن تساهم في المعرفة  التّربويّة العالميّة.

وهكذا، تبلور التوجّه التربوي الذي سميناه "النهج  الشمولي التكاملي" للعناية بأطفال الطّفولة المبكرة ورعايتهم. وبحسب النهج  الشمولي التكاملي فأنّ لجميع الأطفال حاجات متنوعة، مختلفة ومشتركة، يجب أن تنعكس في خدمات مرنة تكاملية يمكن تحمّل نتائجها. هذا النهج يستند إلى "إطار مبادئ خاصة" للعناية بأطفال الطّفولة المبكرة ورعايتهم (إسبانيولي، 2008؛ إسبانيولي وجرايسي، 2007؛ ספיר וגיקליס, 2002).

كان أشخاص كثيرون في المجتمعات التقليدية شهودا على نماذج تربية تدجين أو تشكيل . ولذلك، فإنّ الكثيرين منهم ما زالوا يربطون مصطلح التّربية في الطّفولة المبكرة مع بداية تعليم  الطفل/الطفلة ويفترضون سلفا بأنّه لتطبيق التّربية هناك حاجة إلى معلّم وتلميذ. وظيفة المعلِّم هي أن يعلّم، أن يشرح ويحاضر، ووظيفة التلميذ هي أنّ يتعلّم، أن يستوعب وأن يحفظ. هذا المفهوم ينعكس في تعاملنا مع الأطفال  وفي توقّعاتنا من الروضة غير الإلزامية ومن الحضانة. عندما يذهب الطفل/ة إلى الروضة غير الإلزامية نقوم بسؤاله بعد عودته منها مباشرة: "ماذا تعلمت اليوم؟" ونتوقع منه جوابا يثبت بأنّه اكتسب معرفة تتلاءم مع فرضيتنا بالنسبة لما من المفروض أن يتعلمه الطفل/ة  في الروضة غير الإلزاميّة. كما أنّ الكثير من مربيات الرياض يواجهن أسئلة مشابهة، مثل، "ماذا تعلّم ابننا اليوم؟". يجد بعضهن صعوبة في الإجابة عن هذا السؤال والوقوف أمام ضغط الوالدين الذين يريدون أن يعرفوا "كم" تعلّم الولد. في كثير من الأحيان هذا هو توجّه المربيات أنفسهن. الكثير منهن يشتغلن بالتدريس المباشر، وبالتحفيظ الذي لا يتلاءم مع المعلومات التي نعرفها عن الأطفال  وتعلمهم . لذلك، هناك ضرورة لاتخاذ إستراتيجيات تلفت الانتباه إلى جودة العمل مع الأطفال بدلا من الاهتمام بـ " كم تعلّم الطفل؟". وبشكل خاصّ إزاء التطوّرات التكنولوجية التي تحدث حولنا مثل تطوّر تقنية المعلومات. الحفظ عن ظهر قلب ليس ضروريا في العصر الذي فيه يخزّن قرص واحد معلومات كثيرة جدًّا في بضع ثوانٍ. اليوم نحن بحاجة إلى مهارات التعامل مع  الكمّيّات الكبيرة جدًّا من المعلومات و ضرورة الربط بين تفاصيل المعلومات المختلفة وانتقاء المعلومات المناسبة. أي نحن بحاجة إلى تطوير تفكير ناقد وليس إلى تخزين المعلومات فقط. نحن بحاجة إلى إنتاج المعرفة وليس إلى حفظها عن ظهر قلب.  من المهم بلورة تفكير تربوي تطوّريّ يتلاءم مع التحديات التي يضعها أمامنا القرن الـ21 ، ولا يمكننا أن نستمر في النظر إلى التّربية على أنّها تدجين وتشكيل . علاوة على ذلك، التحدي يكمن في النظر إلى التّربية على أنّها تنمية، إذ أنّ الإنسان مزوّد بقدرات خلقية وبإمكانيات كثيرة تتطوّر بشكل طبيعيّ وتتبلور نتيجة من تفاعلها مع بيئتها. يجب التعمّق في التفكير التربوي العربيّ والتركيز على عدد من المبادرات المسبقة التي رفعت لواء تطوير التفكير واقترحت تطبيقات تربوية تعاونيّة (الجابري، 1988؛ حجازي، 2005؛ حجازي، 2011؛ رضا، 1987). 

التحدّي[as1]  رقم 10:  إعلاء شأن العائلة ومكانتها في المجتمع العربيّ

التطوّر العلمي في مجال التّربية أنتج خبراء في مجال الوالدية واستبدل تعزيز وظيفة الوالدين والأسرة ودعمهما من أجل الوقوف في وجه التحديات الكبيرة للتربية في القرن الـ 21. كما استبدل التطوّر العلمي النظرة إلى تربية الأطفال  كمهمة معقّدة تحتاج إلى التمكُّن من مهارات كثيرة ومن التنسيق بين الأطر الرسمية وبين العائلة. لاحظنا في السنوات الأخيرة وجود تجارب كثيرة لإقصاء الوالدين عن التّربية والعناية ببالطّفولة المبكرة (ومن التّربية بشكل عام) ووجود محاولات لنقل المسؤولية إلى "الخبراء" (الإطار الرسميّ). هذا التوجّه بارز في معظم الروضات غير الإلزاميّة، حيث تقلّص دور الوالدين على الدعم المادّيّ أو على المشاركة في الحفلات أو في فعاليّات ممتعة (إسبانيولي، 2008؛ إسبانيولي وجرايسي، 2007).

في واقعنا الحالي، الوالدان لا يكادان يعملان كشريكين في بلورة المفهوم التربوي أو كشريكين في العمل التربويّ. وعليه، من المهم  أن ننمّي وبسرعة الشراكة التّربويّة بين الأطر الرسمية وبين العائلة. وأن نعمل على تقييم دور الوالدين وأفراد العائلة الممتدّة من خلال التعامل باحترام لدورهم ولمهمّاتهم المهمّة في تربية الطفل/ الطفلة، وفي إثراء بيئته/ا وتنمية هويته/ا الثقافية ولغة أمّه/ أمّها وإكسابه/ا القيم الخاصّة به/ بها. هذه كلّها حيوية للتطوّر السليم والتكامليّ  للأطفال (إسبانيولي، 2008؛ ספיר וגיקליס, 2002).

 على المجتمع الفلسطيني أن يبلور إستراتيجيات تعيد التوازن بين العائلة وبين الأطر الرسمية وغير الرسمية، وترسّخ قواعد الشراكة والتكامل مع الوالدين. يجب بلورة إستراتيجيات تعيد الوالدين إلى دور الشراكة المهمّة في العمليّات التّربويّة الرسمية وغير الرسمية. 

التغييرات السياسيّة، الاقتصاديّة والاجتماعيّة والتغييرات التكنولوجيّة التي حوّلت العالم إلى قرية كونيّة، تضع تحدّيات كبيرة جدًّا أمام كلّ أولئك الذين يعيشون مع الأطفال ويعملون معهم. وبالذات إزاء تعدّد مصادر المعرفة وتنوّعها. لقد زاد هذا من مسؤوليّة الوالدين في  دعم أطفالهم من خلال التعامل الناقد مع مصادر المعرفة هذه. بالإضافة إلى المسؤولية الملقاة على الوالدين لتوفير الحماية لهم من العنف الجسدي والجنسي وحمايتهم من أيّ سوء قد يتعرضون له، عليهم كذلك أن يزوّدوا أبناءهم وبناتهم الحاجات الأساسيّة في ظلّ صعوبات الضائقة الاقتصاديّة.     

 

إجمال

على الرغم من التطوّر الكبير الذي حدث في المجتمع الفلسطيني في إسرائيل في مجال التّربية في الطّفولة  المبكرة، يمكننا أن نلاحظ حتّى في أيّامنا هذه تأثير الخلفية التاريخية. البرامج المختلفة للروضات غير الإلزاميّة ما زالت متأثّرة جدًّا من برامج الروضات الإلزاميّة. تستنسخ الروضات غير الإلزاميّة البرامج دون أن تفحص مدى ملاءمتها للأطفال في سنّ الروضة غير الإلزاميّة. الكثير من المربيات ما زلن يعملن على ضوء نهج تدريس غير ملائم لحاجات الأطفال وميزات تطوّرهم. هذا على الرغم من أنّهنّ تعلّمن عن مراحل تطوّر الطفل وميزاتها في إطار تأهيلهنّ كمربيات رياض أطفال. وعليه، من المهمّ العمل بشكل منهجيّ على تطوير رؤية شمولية تكاملية في أوساط مربيات الرياض. من المهمّ جدًّا تبنّي إستراتيجيات تربوية تشجّع على الانتقال من "التدريس التقليدي" نحو "خلق إمكانيّات تعلّم". ينطوي هذا الانتقال على "خلق إمكانيّات" للعاملين في المجال، للوالدين وأولادهم، وكذلك على تنمية قدراتهم. من اللائق التصدّي للبنية التحتية الهرمية التقليدية وتعزيز الشراكة بين العوامل المختلفة لبلورة تفكير تربويّ، وزيادة التأهيل المشترك، تطوير برامج والقيام بحملات تنوير للتشجيع على تنمية أطفال الطّفولة المبكرة ورعايتهم.

في السنوات الأخيرة لاحظنا وجود محاولات مختلفة لإقامة بنية تحتية أساسيّة جديدة تلائم ميزات المجتمع الحالية، من خلال المحافظة على هويتنا الفلسطينية. على الرغم من التطوّر الذي حصل في هذا المجال ما زلنا بحاجة إلى العمل من أجل زيادة الوعي في المجتمع الفلسطيني لأهمّيّة التّربية في الطّفولة المبكّرة. على التوازي، من المهمّ مطالبة السلطات بالاهتمام بالأطفال في الطّفولة المبكرة من سنّ الولادة وتطوير برامج نوعية تتلاءم مع هذه المرحلة الحسّاسة من حياة الطفل. من المنطقي أيضًا توسيع التنسيق بين الجمعيات والأطر الفلسطينية التي تعمل في المناطق المختلفة، وكذلك بين المؤسسات الرسمية الداعمة المختلفة ومتّخذي القرارات في الحكومة؛ وذلك من أجل ضمان تحقيق أكبر فائدة ممكنة من الموارد.

إنّ الدمج بين الجهود ومطالبة الحكومة ومحاولة التأثير على متّخذي القرارات من شأنه أن يؤثّر على كلّ ما له صلة بالطّفولة المبكرة. والعمل على نشر وتوزيع الموادّ المهنية الخاصّة التي تمّ تطويرها في السنوات العشرين الأخيرة، بما فيها الكتب المخصّصة للوالدين، والمربيات والأطفال. من الواجب دعم الوالدين في مواجهتهم للتحديات وإشراكهم في العمليّة التّربويّة. وفي الوقت نفسه، من المهمّ دعم المؤسّسات الموجودة لكي تتطوّر بشكل متواصل وتتحوّل إلى أماكن يتعلّم فيها الأطفال كيف يتعلمون.    

 


قائمة المراجع بالعربية

الدباغ، مصطفى. (1990)  "التعليم الفلسطينيّ في عهد الانتداب". الموسوعة الفلسطينيّة، المجلّدين الثّالث والرّابع.-

الجابري، محمّد. (1998) تكوين العقل العربيّ. مركز[as2]  دراسات الوحدة العربيّة – الطبعة السابعة – بيروت لبنان       

أسبانيولي نبيلة إوآخرون. (2007). الإرشاد التربوي. الناصرة: مركز الطّفولة ومشاركة.

أسبانيولي، نبيلة، ونجلاء زاروبيجرايسي.(2007). رؤيتنا التّربويّة، ضمن حقّيبية نباتات بلادي بين الجبل والوادي.الناصرة: مشاركة ومركز الطّفولة.

إسبانيولي، نبيلة.(2008). واقع التّربية في جيل الطّفولة المبكرة في المجتمع العربيّ الفلسطينيّ في إسرائيل. الناصرة: مركز الطّفولة- مؤسّسة حضانات النّاصرة ومجموعة "مشاركة".

إسبانيولي،هالة. (2003). مسح شامل لاحتياجات الطّفولة المبكرة. الناصرة: لجنة متابعة قضايا التّعليم العربيّ ومركز الطّفولة- مؤسّسة حضانات النّاصرة.

إيفانز جوديت، روبرت مايرز، وإيلين الفيلد. (2005).  إحتساب الطّفولة المبكرة: دليل برمجة رعاية وتنمية الطّفولة المبكرة. الإصدار العربيّ الاختباريّ، ورشة الموارد العربيّة. www.Mawared.org/arabic/files/ecdcounts.

تينا، بروس (1992). أسس التّربية في الطّفولة المبكرة: ترجمة سلامة ممدوح محمّد: دار الشّروق – جمهورية مصر العربية. [as3] 

جواد، رضا.(1987). العرب التّربية والحضارة: الاختيار الصّعب. بيروت- مركز دراسات الوحدة العربيّة.

حجازي، مصطفى.(2005). التّخلّف الاجتماعي: مدخل إلى سيكولوجيّة الإنسان المقهور[as4] .  المركز الثّقافيّ العربيّ، الدار البيضاء - المغرب الطّبعة التّاسعة.

صفير، جاكلّين، و جوليا جيكلّس.(2002). الكبار والصّغار يتعلّمون.  (الجزء الأول- الثاني- الثالث). –  قبرص: اصدار ورشة الموارد العربية.

 

قائمة مراجع باللغة العبريّة

ابو عصبة، خالد. (2007).

 אבו-עסבה, ח' (2007). החינוך הערבי בישראל – דילמות של מיעוט לאומי. מכון פלורסהיימר למחקרי מדיניות.

الكنيست – مركز البحث والمعلومات. (2003)

הכנסת, מרכז המחקר והמידע. (2003). הישגים לימודיים במגזר הערבי. מוגש לוועדה לזכויות הילד. ירושלים: הכנסת, מרכז המחקר והמידע.

الكنيستمركز البحث والمعلومات. (2004).

    הכנסת, מרכז המחקר והמידע.  (2004). מצב הילדים הערבים בישראל (חינוך, רווחה ובריאות). מוגש לח"כ עיסאם מח'ול.  ירושלים: הכנסת, מרכז המחקר והמידע.

الكنيستمركز البحث والمعلومات. (2005).

הכנסת, מרכז המחקר והמידע. (2005). מצב החינוך בגיל הרך במגזר הערבי בישראל – אפיונים, נתונים ומסקנות: השוואה בין המגזר הערבי והיהודי. מוגש לח"כים מיכאל מלכיאור ועיסאם מח'ול, יושבי ראש השדולה לקידום יחסי יהודים וערבים בישראל. ירושלים: הכנסת, מרכז המחקר והמידע.

الكنيستمركز البحث والمعلومات. (2006).

הכנסת, מרכז המחקר והמידע.(2006). שוויון הזדמנויות בחינוך מגיל הגן ועד לאוניברסיטה. מוגש לוועדה לזכויות הילד. ירושלים: הכנסת, מרכז המחקר והמידע.

الكنيست – مركز البحث والمعلومات. (2007أ).

הכנסת, מרכז המחקר והמידע. (2007א). השינויים במערכת המשפחתונים של משרד התעשייה, המסחר והתעסוקה והשלכותיהם. ירושלים: הכנסת, מרכז המחקר והמידע.

الكنيست – مركز البحث والمعلومات. (2007ب).

הכנסת, מרכז המחקר והמידע. (2007ב). נתונים על מספר התלמידים בגני ילדים. מוגש לוועדת החינוך, התרבות והספורט. ירושלים: הכנסת, מרכז המחקר והמידע.

كتاب الإحصاء السنوي لإسرائيل. (2005)

הלשכה המרכזית לסטטיסטיקה. (2005). הודעה לעיתונות: מסגרות טיפול עיקריות לילדים בגיל 3 חודשים עד 5 שנים שאינן במסגרת חינוך חובה והקשר לתעסוקת ההורים, מתוך הסקר החברתי 2004. ירושלים: הלשכה המרכזית לסטטיסטיקה.

كتاب الإحصاء السنوي لإسرائيل. (2006).

הלשכה המרכזית לסטטיסטיקה.(2006). הודעה לעיתונות: ילדים בגני ילדים ובמעונות יום, תשס"ה. ירושלים: הלשכה המרכזית לסטטיסטיקה.

كتاب الإحصاء السنوي لإسرائيل. (2007).

הלשכה המרכזית לסטטיסטיקה.((2007). שיעורי למידה במוסדות חינוך, לוח 8.6. ירושלים: הלשכה המרכזית לסטטיסטיקה.

كتاب الإحصاء السنوي لإسرائيل. (2005).

הלשכה המרכזית לסטטיסטיקה.(2005). כוחות הוראה במערכת החינוך (2004-1991) – ממצאים נבחרים. ירושלים: הלשכה המרכזית לסטטיסטיקה.

كتاب الإحصاء السنوي لإسرائيل. (2006).

הלשכה המרכזית לסטטיסטיקה.(2006). שנתון סטטיסטי לישראל, 2005, לוח 8.29: כוחות הוראה, לפי דרג חינוך ותכונות נבחרות תשנ"א-תשס"ה. ירושלים: הלשכה המרכזית לסטטיסטיקה.

كتاب الإحصاء السنوي لإسرائيل. (2008).

הלשכה המרכזית לסטטיסטיקה. (2008). שנתון סטטיסטי לישראל, 2007, לוח 8.6: ילדים בגני ילדים לפי בעלות על הגן, גיל הילד וקבוצת אוכלוסייה. ירושלים: הלשכה המרכזית לסטטיסטיקה.

اللجنة القومية لسلامة الطفل. (2004).

המועצה הלאומית לשלום הילד. (2004). לקט נתונים מתוך השנתון הסטטיסטי, "ילדים בישראל –".

السكرتارية التّربويّة، قسم التعليم العربيّ .(2005).

המזכירות הפדגוגית, אגף החינוך לערבים.(2005). תכנית עבודה רב-שנתית - "החינוך הערבי עם מבט לעתיד". ירושלים: משרד החינוך.

السكرتارية التّربويّة، قسم التعليم العربيّ. (2006).

המזכירות הפדגוגית, אגף החינוך לערבים (2006). תכנית העבודה לתשס"ה. ירושלים: משרד החינוך.

السكرتارية التّربويّة، قسم التعليم العربيّ . (2007).

המזכירות הפדגוגית, אגף החינוך לערבים (2007). תכנית אסטרטגית לקידום החינוך הערבי. ירושלים: משרד החינוך.

مديرية الاقتصاد والميزانيات. (2007).

המינהל לכלכלה ותקציבים.(2007). מספר התלמידים בחינוך הערבי לעומת החינוך היהודי, שנת הלימודים תשס"ז (2006/7). ירושלים:משרד החינוך.

سنفير، م.، سيتون، ش.، وتسيمت-روسو، ج. (2012).

סנפיר, מ', סיטון, ש' וצימט-רוסו, ג'. (2012).  מאה שנות גן ילדים בארץ ישראל. קריית שדה בוקר: מכון בן-גוריון לחקר ישראל והציונות, אוניברסיטת בן גוריון בנגב. 

ريفلين – تسور وزعبي. (2005).

ריבלין-צור, ג' וזועבי, ע'. (2005). מצב החינוך בגיל הרך במגזר הערבי בישראל–אפיונים, נתונים ומסקנות. השוואה בין המגזר הערבי והיהודי. יוזמות קרן אברהם.

 

Campbell, F.A., Pungello, E.P., Miller-Johnson, S., Burchinal, M., & Ramey, C.T. (2001). The development of cognitive and academic abilities: Growth curves from anearly childhood educational experiment. Developmental Psychology, 37, 231-242.

Central Bureau of Statistics (CBS). (2004a). Children in kindergartens and day care centers - 2001/02. Jerusalem: CBS.

Central Bureau of Statistics (CBS). (2004b). New survey – Investment in education 2000/1. Jerusalem: CBS.

Central Bureau of Statistics (CBS). (2004c). Statistical abstract of Israel 2004, Table 8.11. Jerusalem: CBS.

Espanioly, H. (2004). General survey on ECCD among PCI. Nazareth: Al-Tufula center and the follow up committee on Arab education 2003.

Espanioly, N. (1997). "Herstory". CEDAW report, the committee on the status of Palestinian women in Israel[as5]  Altufula centre Nazareth

Espanioly, N. (2006). CEDAW report, the committee on the status of Palestinian women in Israel[as6] .

Espanioly,  N. (2007). The state of the early childhood in the Palestinian community in Israel. Musharakah papers. Nazareth: Al-Tufula and Musharakh.

Espanioly, N. (2009). Unpublished report of the Welfare Association, support to Palestinian early childhood.

 

Evans, J. (1996). Quality in programming: Everyone's concern. Coordinator's Noteboo.[as7] , 18. CGECCD Toronto Canada – available Also in Arabic  www.Mawared.org/arabic/files/ecdcounts.pdf

Human Rights Watch. (2001).. Discrimination against Palestinian children in Israel's schools. Second class[as8] . New York  US

Hyder, A. (2009). The equality index between Jews and Arabs in Israel, 2008. Sikkuy[as9] . Haifa- Jerusalem

Karmiloff-Smith, A. (2006). The tortuous route from genes to behavior: A neuroconstructivist approach. Cognitive, Affective, & Behavioral Neuroscience. 6(1), 9-17.

McCormick, M. C., Brooks-Gunn, J., Buka, S. L., Goldman, J., Yu, J., Salganik, M., Scott, D. T., Bennett, F. C., Kay, L. L., Bernbaum, J. C., Bauer, C. R., Martin, C., Woods, E. R., Martin, A., & Casey, P. H. (2006). Early intervention in low birthweight premature infants: Results at 18 years of age for the infant health and development program. Pediatrics. 117, 771-780.

Ramey, C. T., & Ramey, S. L. (2004). Early learning and school readiness: Can earlyintervention make a difference.? Merrill Palmer Quarterly, 50, 471-491.

Reynolds, A. J., Temple, J. A., Roseraton, D. L., & Mann, E. A. (2001). Long-term effects of an early childhood intervention on educational achievement and juvenile arrest: A 15 year follow up of low income children in public schools. Journal of the American Medical Association. 285, 2339-2346.

UNESCO (2005). EFA global monitoring report: Literacy for life.  Paris: UNESCO.

UNESCO (2007). EFA global monitoring report strong foundation: Early childhood care and education. Paris:United Nations Educational, Scientific and Cultural Organization.

 

 

 



[1] הערה לגרפיקאית: אבקש לבצע את התיקונים הבאים בתוך הדיאגרמה: 1. אוכלוסיית בשני י', בכותרת. 2. אוכלוסייה בשני י', מצד שמאל. 3. בכותרת, "אחוז הילדים הערבים" במקום "אחוזם".

[2]تستند جميع المعطيات على تحليل قوائم وزارة الصناعة والتجارة، قسم الحضانات، التي قمتُ بها في أيّار 2012.

[3] تستند جميع المعطيات على تحليل قوائم وزارة الصناعة والتجارة، قسم الحضانات، والذي قمت به في أيّار 2012.


 [as1]هنا

 [as2]بلد النشر

עיר ההורצאה לאור

 [as3]ينقص سنة الاصدار وبلد الاصدار

 [as4]ينقص بلد الاصدار

 [as5]חסר המוציא ךאור עם העיר

 [as6]חסר המוציא ךאור עם העיר

 

 [as7]חסר המוציא ךאור עם העיר

 

 [as8]חסר המוציא ךאור עם העיר

 

 [as9]חסר המוציא ךאור עם העיר

יש 2009וגם 2008 מה השנה הנכונה?